للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(العقيدة) وهي الملازمة (للطبع) المفقود في الرافعي، فدوافعه في الأدب لم تكن دوافع العقيدة والانطباع، بمقدار ما هي وليدة الفكر والتوليد والمماحكات

ويخطئ من يعتقد أن ما أقوله هنا مقصود به شخص الفقيد ولكنه شيء لا بد منه لتقدير أدبه على حقيقته

وفيما كتبه الأستاذ سعيد عن العقاد كثير من الجهل بطبيعة العقاد ودوافعه في الحياة، وعوامل الكتابة في نفسه

والأستاذ معذور في هذا لأنه لم يختلط بالعقاد أولاً، ولأن نفسه لم تتفتح لأدب العقاد فيفهمه ثانياً

ولقد كان يعيش في بيئة الرافعي وجوه، ويلوح لي من كتابته أن ذلك يلائم جوه الخاص، ويناسب بيئته الروحية

وأول ما يخطئ فيه اعتقاده أن طعن العقاد على الرافعي من ناحيته الوطنية، في رده على نقد وحي الأربعين، كان حيلة أملتها البراعة السياسية

ووجه الخطأ هو تصوير العقاد كالرافعي في هذه الخلة النفسية وفي وسائل الصراع، واستعمال الحيل الذهنية، والمناسبات العارضة لكسب القضية!

والذين يفهمون العقاد لا يعرفون فيه هذه الصفة. ولكنهم يعرفون طبيعة قوية مخلصة، لا تتذرع بالحيل الذهنية، والبراعة السياسية العأرضة، ولكنها تتذرع بنفوذ الإدراك، وعمق الإحساس، وشمول الشعور. فإذا اتهم العقاد الرافعي بأن نقده لوحي الأربعين منشؤه ضغينة شخصية، وإيحاء سياسي كما فعل، فإنما هو معتقد هذا في صميم نفسه، وما يعنيه ما ينال الرافعي من الناحية السياسية، قدر ما يعنيه (كشفه) من الناحية النفسية، وتصوير البواعث التي تهيجه لهذا النقد اللاذع

وما عن مبدأ خلقي يصدر العقاد في هذا، ولكن عن طبع قوي يخلق المبادئ الخلقية، ويختار منها ما يناسبه، ويرفض مالا يرتاح إليه، ولو تواضع الناس عليه!

ويخطئ الأستاذ سعيد كذلك في تسمية ما كتبه العقاد في رده شتماً وسباً للرافعي، كما أخطأ في تسمية ما كتبه من مخلوف سباباً وشتائم

ويبدو أننا في حاجة لتحديد معنى السب والشتم في لغة الأدب، بعيداً عن لغة القانون

<<  <  ج:
ص:  >  >>