للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذه الفترة التي ذهب إليها الرئيس هريو هي مبدأ القرن التاسع عشر، إذ هدأت عاصفة الثورة الفرنسية بأدبها (الوهمي) وإذ ابتدأ ظهور المذهب الرومانتيكي أي (التخصيص في الأدب) (بمعني أن يكون للأديب مسحته الخاصة الغالبة وحريته الكاملة في تصوير وتسطير ما يشاء ويهوى، دون أن يخضع مثلاً لقانون الوحدات الثلاث الذي نجده مثلاً عند راسين، والذي يتأثر هو فيه بتعاليم اليونان، وخاصة أصول (التراجيدي) عند أرسطو وسوفكليس وأربيدس في العهد اليوناني القديم)، بفضل ما كتبه شاتوبريان، وعلى الخصوص الشاعر الخالد فكتور هوجو في (مقدمته) لرواية كرمويل. واختار الرئيس هريو من أدباء هذه الفترة مدام دي روكامييه، كموضوع لرسالته الكبيرة لدكتوراه الدولة، ومدام دي ستايل، كموضوع لرسالته الصغيرة

كانت الرسالة الأولى من الضخامة بحيث طبعت في جزأين، واضطر الرئيس (هريو) أن يعيد طبعها (مخفضة) عند (بايو) لتكون في متناول كل قارئ مثقف، بعد أن حذف كثيراً من (الهوامش) التي ما كانت في واقع الأمر إلا (زينة) في رسائل مدرسة السربون، وغرضه الأول فيها لم يقتصر على دراسة هذه الأديبة وتحليل شخصيتها في ذاتها، بل كان مع ذلك دراسة الروح العامة للأدب في ذلك الزمان، وحل المناسبات الاجتماعية التي ساهمت في نضوجها الفكري. وليس أدل على صحة كلامنا من عنوان الرسالة نفسها وهو: (السيدة ركامييه وأصدقاؤها). والغرض الثاني إثبات أثر مدينة ليون التي ولدت فيها هذه السيدة في تكوينها الأدبي، والحياة الأدبية لهذه المدينة خلال ما كتبته هي عنها في زياراتها المتعددة لها في ذلك العهد. والغرض الثالث هو شرح أهمية اتصالها بمؤسس مذهب الرومانتيزم شاتوبريان وما كان له من الأثر في توجيه تفكيرها الأدبي والسياسي

والرسالة الثانية، تعرض للصداقة المتينة التي كانت بين السيدتين ركامييه، ودي ستايل، واتحادهما في نزعة العداء ضد مبادئنابليون بونابارت. فهي رسالة تبحث أيضاً في أدب نفس ذلك المعهد وفي نفس الجو الأدبي؛ غير أنها تمتاز بكونها شرحا لبعض مخطوط لم يطبع حتى ذلك التاريخ، يوجد في المكتبة الأهلية بباريس في نحو ٢٩٧ صفحة بعنوان (منتخبات لآراء سياسية) فيها تعرض مدام دي ستايل عن (حلمها) السياسي وهو إمكان تحوير مبادئ الدستور القائم إبان ذلك، وإحلال جمهورية تثبت على أصول العقل. ففي

<<  <  ج:
ص:  >  >>