الله أكبر ولله الحمد!
هذه هي البصرة ذات النخيل
هذه هي المدينة التي تجري من تحتها الأنهار
هذه شقيقة الفيوم، على أزهاره وأشواكه أذكى التحيات
هذه هي البصرة، وما تخونني عيناي
فإذا قيل إن منظر القناطر الخيرية على النيل منظر لا ثاني له في الوجود؛
وإذا قيل إن شواطئ الإسكندرية في الصيف لا ثاني لها في الوجود؛
وإذا قيل إن حي الشانزليزيه في باريس لا ثاني له في الوجود؛
وإذا قيل إن السهل الذي تصادفه بعد الانحدار من جبل لبنان منظر لا ثاني له في الوجود؛
وإذا قيل إن مفترق الطرق بين شارع عماد الدين وبين شارع فؤاد شيء يفوق الظنون؛
وإذا قيل إن الغبوق بمصر الجديدة والصبوح بالزمالك نعيم يذكّر بنعيم الفراديس؛
وإذا قيل إن صبايا المنصورة لها مذاق لا ثاني له في عالم الجمال؛
وإذا قيل إن مناظر الكروم في بوردو لا شبيه لها ولا مثيل؛
وإذا قيل إن بغي المصريين بعضهم على بعض معنى فريد في الوجود؛
وإذا قيل إن قبة الجامعة المصرية اعظم قباب الشرق؛
وإذا قيل إن زكي مبارك اسعد من استصبح بظلام الليل في بغداد؛
إذا قيل ذلك أو بعض ذلك فأعرف أن مدينة البصرة هي شيء فريد في دنيا الشرق، ودنيا الغرب. هي غريبة الغرائب، وأعجوبة الأعاجيب. هي فوق الأوهام والظنون، وإن جهلها فريق من أهل العراق
ما هذه المدينة؟ ما هيه؟
لقد استأنست كل الاستئناس حين عرفت أن اللغة العربية لا تزال تسيطر على مثل هذا الثغر الجميل
لقد كبرت وهللت حين رأيت وطن المبرد والجاحظ والحسن البصري وإخوان الصفاء
لقد كبرت وهللت حين عرفت أن للعروبة مواطن لا تقل روعة عن القناطر الخيرية
ثم غلبني الحزن حين تذكرت أن مناظر شط العرب تشبه مناظر القناطر الخيرية في