الحظ. فعن شط العرب تغافل الشعراء، وعن القناطر الخيرية تغافل الشعراء
ليس على شط العرب قصور، وليس على القناطر الخيرية قصور.
الله أكبر ولله الحمد!
هذا طريق النخيل، وهو صورة أروع من غابة بولونيا، ولكن أين الظباء؟
وهؤلاء البصريون وفي عيونهم السحر الحرام أو الحلال، ولكن أين الشعراء؟
عرفت في البصرة رجلين:
الأول هو السيد تحسين علي، حاكم البصرة، أو متصرف البصرة
والسيد تحسين علي هو ملك في صورة إنسان
هو تحفه من الأريحية العربية التي جاد بها الله على الوجود السيد تحسين علي هو الشاهد على أن شعراء العرب لم يكونوا في مدائحهم من الكاذبين
السيد تحسين علي هو الخليق بأن يقال فيه اطهر من الماء، وارق من الهواء
السيد تحسين علي هو مجموعة من الخلائق والطباع: فيه أدب مصطفى عبد الرزاق، وتباله محمد العشماوي، وتغافل منصور فهمي، وطيبة محمد جاد المولى، وسماحة علي الزنكلوني، وذكاء لطفي السيد، وسذاجة زكي مبارك، وعقل زكي مبارك، إن كان له عقل!
وبفضل السيد تحسين علي عرفت من البصرة في يومين ما لا يعرفه غيري في سنين
أكتب هذا والدمع في عيني، فالدنيا ألأم وأغدر من أن تسمح لي بملاقاة هذا الرجل مرة ثانية. فإن كان هذا آخر العهد فحسبي من الوفاء أن أسجل ثنائي عليه في هذه المذكرات، ولها قراء يعدون بالألوف
يا سيد تحسين
سلام عليك، سلام رجل مصري يحفظ عهد العراق
أما الصديق الثاني فهو الدكتور عبد الحميد الطوخي، وما ادري إلى أي بلد أُضيف هذا الطبيب، فقد عرف المنصورة وشبين الكوم والقاهرة وبغداد والبصرة والموصل، فهو بالاختصار رجل مخضرم: فيه رقة المنصورة وأدب شبين الكوم وعقل القاهرة وذكاء بغداد وظرف الموصل وكرم البصرة، هو شخصية دولية يحسب لها المنصف ألف حساب
وبفضل هذا الطبيب قضيت يومين في ابتسام، فقد ترك سيارته تحت تصرفي يومين،