على نحو ما يرى (برجسون) ثم الشك في العلم المطلق والمرفع عن المواضعة حسب مذهب علماء الطبيعة لهذا العصر) وقصص جماعة من الروس مثل (دوستيوفسكي وتولستوي وجوركي) ففيها يبرز الخلق كأنهم على فطرتهم، ولكنها فطرة من صفت نفسه حتى أنها تأبى القناعة بثقافة الذهن وحده)، ومسرحيات أدباء الشمال مثل (بيورنسن) ولا سيما (إبسن) حيث المغالبات النفسانية تصرع قوى الحياة الاجتماعية، ثم قصص فئة من الإنجليزيات مثل (كاترين منسفلد) و (فرجينيا وولف) لما يطرد فيها من التأثرية المحضة. ثم أضف إلى هذه العناصر ما انبثق من جانب الفنون الأخرى كالتصوير التعبيري والموسيقى التأثرية والرقص الإبهامي
والمسرح الرمزي الحديث على ألوان. ولا أحب أن أفيض في هذا الموضوع الجديد. وحسبي أن أذكر أسماء بعض رجاله النابهين، وهم:(إبسن) و (هوبتمن) و (ميترلنك) وإن رجعت طريقته إلى الرمزية الأولى، و (هنري باتاي) احياناً، و (لينورمان) وإن كانت طريقته قريبة المأخذ، و (كلوديل) وإن نزع إنشاؤه إلى ما وراء الطبيعة على مثال إنشاء صاحبه فاليري الشاعر، و (جانتيون) مؤلف قصة (مايا) التي شهدتها ثلاث مرات في مسرح (مومبارناس) في باريس سنة ١٩٣١، و (جان كوكتو) و (حيرودو) و (بريستلي) أخيراً و (أليس جرنستبرج) و (بيرندللو) العظيم ثم (روبندرونات توجور) إذا شئت، وإن كانت مسرحياته تشف عن وثبات الصوفية الهندية
كتبت (هذه قصة تمثيلية على الطريقة الرمزية - إذا شئت. غير أن النقاد وقفوا عند مفاد الرمزية الأولى أو كادوا سواء أهملوا الخوض في مفادها أم خاضوا. وممن خاض الأستاذ صديق شيبوب في صحيفة (البصير)(٨ أبريل ١٩٣٨) والأستاذ زكي طليمات في مجلة (الرسالة). ثم إن الأستاذ ميخائيل نعيمة كتب ألي يقول:(. . . ومسرحيتك هذه تدرج على الطريقة الرمزية، طريقة فاليري (الشاعر المذكور فوق هذا الكلام) وهي كزيّ جديد في الأدب العربي حقيقة بأن نؤهل بها. . . ووقعت في مقدمتها (يعني توطئها) على أدق وأجمل بيان قرأته في العربية عن الطريقة الرمزية وغاياتها. . .)
إلا أنه لا يفوتني أن أذكر أن ناقداً واحداً تنبه لما أردت. فقد نشرت صحيفة (الجورنال ديجبت) ' البارزة في القاهرة، يوم (١٩ أبريل ١٩٣٨)، مقالا غزيراً باللغة الفرنسية