شط العرب محور النزاع، شط العرب الذي تغنيت به في البصرة ونشرت ثنائي عليه جريدة البلاد
كان العراق في فورة، وكنت في فورة، وما أشقى من يضطرم صدره تحت سماء العراق!
ومضيت إلى رئيس الكتاب بالمجلس النيابي، وهو صديق عزيز، فطلبت تذكرة لحضور تلك الجلسة التاريخية. وكنت أول من دخل شرفة المجلس في ذلك اليوم، فهالني أن أرى خريطة شط العرب مرقومة بالطباشير على لوحة سوداء
كان الجو كله دخاناً في دخان، وكنت أكاد أختنق
ثم وقف وزير الخارجية يخطب، وما كان أروعه في ذلك اليوم، فقد بدد ما ران على صدري من ظلمات
وتدفق الخطباء بين معارض وموافق، وكانت جلسة برلمانية حقاً وصدقاً. كانت جلسة صريحة أبدى فيها النواب آراءهم بألفاظ لا مداورة فيها ولا التواء
خطب وزير الخارجية خطبتين في ذلك اليوم وكان بالتأكيد أشجع الخطباء، ولن أنسى أنه قال: كان في يقيني أن أقترح جعل هذه الجلسة سرية، ثم رأيت أن تكون علنية ليرى الجمهور بعينه أن الحكومة حريصة على أرض الوطن كل الحرص
وسألت أحد الصحفيين عن هذا الرجل فقال: أما تعرفه؟ هذا زميلك
فقلت: وكيف كان زميلي؟
فقال: هو سوربوني مثلك، هذا توفيق باشا السويدي خريج السوربون!
السوربون! السوربون!
رعى الله عهدي يوم كنت أجول فيها وأصول!
خرجت من مجلس النواب منشرح الصدر. ولقيني أحد النواب فقال: كيف رأيت؟ فأجبت: رأيت وجه الحق. ولكن آذاني أن تكون حجة الموافقين على معاهدة الحدود مقصورة على أن إيران جارة عزيزة. فما الذي كان يضيركم لو قلتم إن إيران أمة إسلامية، وإن المسلمين يجب أن يتسامح بعضهم مع بعض، نحن مسئولون عن الأخوة الإسلامية أما الله وأما التاريخ. مسئولون أمام الله الذي يكره أن يبغي المسلمون بعضهم على بعض، ومسئولون أمام الماضي الجميل الذي تعاونت فيه الأمة العربية والأمة الفارسية فأنجبتا أشرف ذخيرة