قبل أن يدرك أن هذا عليه مسحة الشك وذلك عليه نور اليقين
قال يرد على دوجلاس قوله أن من الامتهان لأهل كنسسكا أن نعتبرهم غير جديرين بأن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، (إني أسلم أن المهاجر إلى لنساس وبزاسكا جدير أن يحكم نفسه ولكني أنكر عليه الحق في أن يحكم شخصا آخر بغير رضاء ذلك الشخص) ولقد كانت عبارته هذه كالرمية القاتلة فهي تهدم ما بنى دوجلاس من أساسه ولا تدع لمبدأ سلطة الأمة الذي نادى به أي قيمة. وقال في رده على دوجلاس إذ يدعي أن الحكومة إنما أقيمت لصالح البيض لا لصالح الزنوج (إني أوافق على ذلك من حيث الواقع في ذاته، ولكني أرى في هذه الملاحظة التي ساقها القاضي دوجلاس معنى هو عندي مفتاح تلك الغلطة الكبرى (إن كان ثمة من غلطة كهذه) التي فعلها في قرار نبراسكا؛ إنها تدل على أن القاضي لا يقوم في ذهنه مؤثر حي يريه أن الزنجي إنما هو إنسان وعلى ذلك فليست تقوم في رأسه فكرة عن ضرورة وجود العنصر الخلقي عند التشريع له). . .
وبعد الخطبة وقف دوجلاس ليرد ولكن مذاهب القول التوت عليه وخانته بديهته فجعل بينه وبين الناس موعداً في المساء لا يخلفه، وحل المساء وارتقب الناس ولكنهم لم يجدوا الخطيب. . .
وبعد ذلك باثني عشر يوماً ذهب لنكولن ليخطب في بلدة أخرى هي بيوريا؛ ولقد تبعه دوجلاس إلى هناك لعله أن يظفر هذه المرة. ولم يرتجل لنكولن كما ارتجل في سير نجفيلد بل قرأ من أوراق؛ ويشهد الذين سمعوه في المرتين أنه كان يوم ارتجل أعظم شأناً وأبعد أثراً؛ أجل كانت خطبته الثانية أحسن بناء وأحكم نسجاً وأقوى منطقاً ولكنها لم تكن أكثر سحراً. . .
ولقد بدأ دوجلاس في بيوريا كما بدأ في سير نجفيلد واستمر يخطب ساعات ثلاثاً، ورد لنكولن في المساء فاستغرق خطابه مثل هذا الزمن. ومما جاء فيه قوله عن قرار بنراسكا (إن هذا القرار يعلن الحياد ولكنه يضمر حماسة حقيقية لانتشار العبيد لا يسعني إلا أن أمقتها، لما تنطوي عليه العبودية في ذاتها من جور قبيح، وأمقتها لأنها تسلب نظامنا الجمهوري الذي نسوقه للعالم مثالاً من أثره الحق في الدنيا، وأمقتها على الأخص لأنها تدفع كثيراً من رجالنا الأخيار إلى حرب صريحة ضد المبادئ الأساسية للحرية المدنية،