للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التفكير في كليهما أو القدرة على استيعابهما. أما إذا مضى العقل يفكر لذاته فإنه إنما ينساق إلى التفكير في أشياء تفرضها عليه السليقة وتدعوه إليها الفطرة. وإن لي أن أقول إن كثرة القراءة تجرد العقل من مرونته. ومثلها في ذلك كمثل الثقل التارز الشديد إذا وضع على فوهة نبع فائض، فإنه يثقله ويعيق جريانه. وعندي أن أقوى الوسائل التي تصد الفكر عن الوصول إلى الأفكار المبتكرة هي أن تلجأ إلى كتاب تقرأ فيه كلما أردت أن تنفق وقتاً أو تقطع مرحلة من فراغك. وهذا هو السبب في أن كثيراً من حملة الشهادات العليا يكون عادة أقل ذكاء وأكثر بلادة مما هم إذا تركوا على الفطرة)

(كرستوفر مارلو) وكتاب فوست

هو من كبار كتاب الدرامة من الإنجليز، وهو من المتقدمين على شكسبير. ولد في سنة ١٥٦٣، أو سنة ١٥٦٤، ودرس في كمبردج ثم هبط لندن واستقر بها. وله كثير من المؤلفات أهمها كتاب (فوست) الذي نسج على منواله جوته الألماني. ولعل كثيراً من القراء لا يعرفون أن لهذا المؤلف الإنجليزي خطر السبق في صياغة تلك الدرامة العظمى التي خلدت اسم جوته في التاريخ، وغشت على اسم مارلو بسحابة من النسيان. وننقل هنا قطعاً مما كتب (مارلو) عسى أن ينتبه بعض الأدباء إلى دراسة ذلك الرأي الأدبي الجليل:

فوست في حجرة درسه:

فوست - والآن، أمن المحتوم أن تحل على فوست اللعنة، وألا يكون من الناحين؟ ما الذي يحملني إذن على أن أفكر في الله والسماء؟ ألا بعداً لمثل هذه التخيلات الدنية، ومرحباً باليأس، باليأس من الله، والثقة في بعل لا تتقهقر، بل تشدد يا فوست وكن قوي الإرادة. لماذا تضطرب؟ هاهو ذا شيء يرن في أذني صداه. (أقلع عن هذا السحر وارجع إلى الله ثانية)، أيرجع فوست إلى الله مرة أخرى؟ إلى الله! إنه لا يحبك. إن الله الذي ينبغي أن تخدم وتعبد، إنما هو شهوتك الذاتية، إذ فيها قد انغرس حب بعل وتأصل. وله سوف أشيد مذبحاً وكنيسة، وأقرب له دم الأطفال فائراً حاراً

يدخل ملكان: ملك الخير، وملك الشر

ملك الخير - فوست! أقلع عن هذه المهنة الساقطة.

فوست - الندم. الصلاة. التوبة. ما عندك منها؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>