وسيرحمه بدموع هؤلاء اليتامى، وبأنات هؤلاء الأيامى، وبدعوات كثير من أهل الإيمان وفوا له ما وسعهم الوفاء!
مضى عام منذ مات الرافعي، فهل سأل أحد: كم خلف وكم ترك؟
سأحدثكم وإن لم تطلبوها إلي. . . . . .
أما المال فلا سبد ولا لبد، وأما الأدب فثروة للرواة ومحزنة للولد، وأما العيال. . . وا حزناً لو كان يجدي الحزن!
هذا (سامي) كبيرهم في بعثة الجامعة بأمريكا ما يزال بينه وبين الغاية خطوة؛ وهذه (سعدية) الصغيرة تلثغ في الراء وتضم شفتيها على الباء؛ وبينهما ثمانية يقوم على شئونهم (محمد) الله لهذا الشاب العائل؛ لم يكد ينعم بقرب الأهل بعد فراق سبع سنين في فرنسا لدراسة الطب، حتى كان عليه عبء الأسرة كله، فكأنما كان هو في تلك الغربة وديعة إلى أجل، وذخيرة إلى ميعاد؛ وعاجلته تبعات الحياة وما يزال في باكر الشباب!
والحكومة. .؟ خلي عنك يا وزارة الحقانية، خلي عنك يا وزارة المعارف، خلِّ عنك يا وزير المالية. . . الله أكرم!
لقد تصرم من عمر الرافعين في خدمة الحكومة ثمان وثلاثون سنة، ومات ولم يجاوز السابعة والخمسين؛ فأي مكافأة وأي جزاء؟ بضعة عشر جنيهاً في كل شهر، تأبى الحكومة إلا أن يكون لها فيها ميراث. . .
إنه الرافعي، إنه الرجل الذي كان اسمه في مقدمة الأسماء المصرية التي تؤكد زعامة مصر للأمم العربية، وترفع اسمها وتبني مجدها الممتاز، وتسن طرائقها التي يحتذيها الأدباء في العالم العربي. إنه هو. . . ولكنها هي مصر. . .!
وكتب رئيس الرافعي في وزارة الحقانية كتاباً غداة منعاه إلى وزارة المالية، يصف لها من حال الرافعي ومن خبره، ويقترح. . . يقترح أن تنزل الحكومة عن نصيبها من الميراث في (معاش) الرافعي لأولاده. . . ولكن وزير المالية يأبى. . . ولكن الله أكرم. . .!
(يرحمه الله! يرحمه الله!)
ذلك كان جواب الحكومة المصرية. . .!
لقد مضى عام، فهل تذاكر أدباء العربية فيما عليهم للرافعي؟ وهل ذكرت الأمة والحكومة