للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

القائل بأن الفن هو الطبيعة وشعور الفنان مجتمعين

ولا أعرف أقصداً أم صدفة جاءت لوحات السيدة إيمي نمر قبالة لوحات سعيد بك، وفن السيدة الفاضلة فن قوي ولكنه نقيض فن سعيد تماماً. ألوان سعيد تدل على الحيوية والفرج؛ أما فن السيدة إيمي فهو قاتم حزين، وألوانها توحي للنفس تأمل الفيلسوف الزاهد الذي يركز بصره على الناحية القاتمة من الحياة. وأي نفس لا تهش لمنظر البحر ويطربها انعكاس الألوان والأضواء على سطحه، وتسلسل أنغامه، وجيشان أمواجه وما ترسم على وجهه الريح من رموز وأسرار، ولكن الفنانة تتغاضى عن كل هذا وترسم لك (منظر تحت سطح البحر) وماذا تعرض عليك؟ عدة هياكل عظيمة (ومنظر طبيعي) يمثل الخريف بأقفاره وسهومه ووجومه، (والأمومة) يخالط الأم فيها البؤس والشقاء وعبء الأمومة مع ما فيها من حنان، (ومكتوفة اليدين) أبلغ ما يمثل لك الحيرة والبؤس والأسى وتفاهة الحياة مجتمعة - ولوحاتها تدل على أن طاقتها الفنية عميقة جداً

وفن السيدة برسيلون نوس (مصرية) فن ناضج، ويتمثل نضوجها في اختيار الألوان بحيث تعبر عن الجو العاطفي للصورة. وأحسن ما يبدو هذا في (الكهولة) حيث يغلب اللون الأصفر الممزوج بالأحمر؛ وفي (الرجل والزجاجة) - أما (رأس صعيدي) فتمثل روح الوجه القبلي تماماً، و (رأس امرأة مصرية) تكاد تنطق روعة وشباباً. وبالجملة فهي رسامة شاعرة

وقد قال لي بعض من يعرفون الأستاذ حسين محمد بدوي إنه لا يعرض (فناً) وإنما يعرض طريقته الخاصة. وعلى كل فرسومه تدل على مقدرة فائقة، ولكن هذا ليس كل شيء، فما فائدة مقدرة لا يعرف صاحبها كيف يستخدمها. وطريقة الأستاذ لا تتفق إلا وموضوعات وحالات نفسية معينة لو تعدتها إلى غيرها تضر ولا تنفع. ولو عني الأستاذ بهذه الناحية لكان فنه أوقع وأمتع وأبدع. وفن الأستاذ نجيب أسعد يغري بالمقارنة بفن الأستاذ حبيب جورجي؛ إلا أن الأخير أرحب روحاً وأعمق نفساً. فمناظر الكنائس والأديرة التي رسمها الأستاذ جورجي يبدو فيها جلال الدين وقداسته. أما تلك التي رسمها الأستاذ اسعد ففيها تبدو الوحشة والكآبة التي تخيم على مثل هذه الأماكن. وهناك رسوم تدل على تمكن أصحابها من الرسم، ولكن تنقصهم الرحابة الفنية. وأهم هؤلاء هم الأساتذة محمد محبوب، ولبيب

<<  <  ج:
ص:  >  >>