للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فليلق بالهم إلى ذلك علماء (الكلام)، فما كتب إلا لهم وحتى لا تفهم أن الشاعر قديم، أقرا التجديد الذي تندق دونه الأعناق!

سيالة الأعطاف أين ترنحت ... تطلق لكهربة الهوى سيالها

أفبعد (الكهرباء) وهي آخر ما كشف من قوى الطبيعة قولة لقائل من المجددين الذين ينقدهم الرافعي النقد الشديد؟

فمن يكن في شك أو ظل من شك فليقرأ، ليعرف أنها لم تكن خطرة عابرة في التجديد، وإنما هي عن تعمد وسبق إصرار.

يا نجمة أنا في أفلاكها قمر ... من جذبها لي قد أضللت أفلاكي

هناك الكهرباء، وهنا الجاذبية، أبعد هذا يكون شك أو ظل من الشك؛ لا. وألف مرة لا!

ولا شيء وراء هذا العبث الذي لا نريد له نقاشاً وان كان فيه - لو شئنا سلوك طريقة الرافعي في النقد - مجال لعشرات الغمزات والتهكمات.

وقد قلت لك: أن الرافعي يغالي (بالمجوهرات) فأسمع:

يقول للصديق المفروض أن هذه الرسائل تكتب أليه. إنه سيقص له قصة حبه لا بالترتيب.

(فإن هذا مما يحسن في تاريخ صخرة تتدحرج، أما أنا فسأقدم لك تاريخ لؤلؤة فريدة).

ولست ادري الفرق لدى الفنان (الحي) بين أن يقص تاريخ صخرة وتاريخ لؤلؤة إلا أن يكون (الثمن) هو الفارق بينهما.

أفهم أن يقول: (إن هذا مما يحسن في تاريخ صخرة، أما أنا فسأقدم لك قصة حياة. أو قصة بنية حية يدخل في تأليفها ودوافعها شيء غير الزمان والمكان، هو الحس والشعور. أو تاريخ نبتة تنمو من داخلها أكثر مما تنمو في خارجها) أو أي تعبير آخر يدل على أن القائل يستشعر الحياة في أعماقها، أو ظواهرها على الأقل، ويرى (القلب) شيئاً حياً، جماله في حياته، وان لم يقوّم في سوق المجوهرات بعشر ماسة أو قطعة صغيرة من الذهب! ثم اسمع: يقول في إحدى الرسائل: (أما سمعت بذلك الأعرابي الذي قيل له: ما بلغ من حبك لفلانة؟) فقال: والله إني لأرى الشمس على حائطها أحسن منها على حيطان جيرانها. . .، قد ولله صدق وبرت يمينه) فإن في كلماته الشعرية لأثراً من (عينيه)، إذ يرى الشمس على حائطها كالشمس على (البلور الصافي) لا على الحجر والمدر).

<<  <  ج:
ص:  >  >>