نجلاء، فنظرت إلى وجه ليلى فرأيته يشبه دجلة في أيام نيسان
- إيش لون؟
- وأنت يا مصري نقول (إيش لون؟)
- إيش لون؟ إيش لون؟
- دجلة في نيسان تحاول من فرط الشوق والحيوية أن تلطم وجه بغداد
- وكانت ليلى تحب أن تلطم وجه عبد الحسيب؟
- كانت تهم بافتراسه لأنها كانت تنكر أن يدرك معنى البؤس وهي في دنياه
- كانت تحبه؟
- وأي حب؟ وهل في الدنيا فتاة تحبس قلبها عن فتى وافر الرجولة متين الأخلاق؟
- وما هي أسباب ذلك الغضب الذي سيطر على عبد الحسيب؟
- قال إنه تلقى محاضرة في مدرسة البوليس ألقاها الصاغ على حلمي عن (القوة المعنوية) فثار صدره وعجب كيف يعجز عن التسلح بالقوة المعنوية، وجلس على المائدة وهو في غاية من العقل، فلا نوادر ولا فكاهات، ولا الشيخ كراوية ولا عبد الله شعيب. فعرفت ليلى أن الشاب ابتدأ يحاربها بلا رحمة ولا إشفاق. آه، ثم آه!
- لا تتأوهي يا ظمياء فقد مزقت قلبي
- تحبني يا مولاي؟
- استحي يا ظمياء فأنت في حضرة طبيب
- وبعد ليال دعتنا السيدة نجلاء لسماع المغنى عبد اللطيف البنا في ملاهي المعرض فسمعناه يقول:
(سلامة القلب من حبك يا قاسي)
فتحدرت مدامع ليلى وأصابها إغماء. وكانت ليلة قضيناها في كروب وأشجان. وفي الليلة التالية صممت ليلى على أن نذهب وحدنا إلى ملاهي المعرض، فسمعنا أم كلثوم تغني
يا للي شغلت البال ... يا ليت أكون على بالك
الوجد له أحوال ... يا ليتني أعرف حالك
فأخذت ليلى تبكي بكاء لا تجود بمثله عيون الأطفال، فخشيت أن نفتضح وأخذتها في