- في اليوم الثالث والعشرين من تشرين الأول سنة ١٩٢٦ طرق الباب زائر غريب، فنظرنا فإذا هو الضابط عبد الحسيب بعينيه الخضراوين وقوامه الرشيق؛ وهجمت ليلى عليه فقبلت جبينه وخديه بلا تهيب ولا استحياء، ودعوناه للنزول في ضيافتنا فرفض، وقال إنه جاء لخطبة ليلى، وإنه ظفر بدبلوم مدرسة البوليس، وأنه مرشح لرياسة نقطة النعناعية، فنظرت ليلى إليه بعيني اللبؤة العادية وقالت: لن اقبل يدك أو اختبر أخلاقك!
- ثم ماذا؟
- ثم استيأس الشاب المسكين وقال: وبأي صورة أعيش في بغداد؟ فقالت ليلى: ذلك إلي
- ثم ماذا؟
- ثم تحمّلْت ليلى بأهلها ومعارفها إلى نوري باشا السعيد وكان يومئذ وكيل القائد العام، وكان برتبة زعيم فالحق الضابط عبد الحسيب بالجيش العراقي بحجة التقريب بين مصر والعراق
- شيء جميل!
- انتظر يا دكتور، فقد أفسدت ليلى كل شيء
- وماذا صنعت الحمقاء؟
- بثت من حوله العيون لترى كيف يفكر وكيف يصنع، فصح عندها انه كافر بالحب وكافر بالعروبة فأصلته نار الصدود
- ثم ماذا يا ظمياء؟
- ثم رحل المسكين إلى مصر بدون أن يستأذن رئيسه نوري باشا السعيد
- ثم ماذا يا ظمياء؟
- ثم خلت حياة ليلى من حبيبها الغالي فلم تعد تعرف طعم الحياة وحالفها الضنى والنحول
- ثم ماذا يا ظمياء؟
- ثم علم الشاب المسكين بمرض محبوبته الغالية فلاذ بأمه الرءوم فمضت إلى الأستاذ خليل مطران تستفتيه، فكان من رأيه أن ينتقم من ليلى بطريقة دولية تضج لها المشارق والمغارب، وصح عنده أن تغني السيدة نادرة هذا البيت:
يقولون ليلى في العراق مريضة ... فيا ليتني كنت الطبيب المداويا