للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونوهت بضرورة إعادة النظر في طبيعة الانتداب وتوجيه السياسة البريطانية في فلسطين توجيها واضحا. ولما صدر الكتاب الأبيض سنة ١٩٣٠، شعر العرب أن قضيتهم تسير في سبيل الفوز.

ثم يقول: ولكن اغتباط العرب بالكتاب الأبيض لم يطل أمده؛ فقد بذلت الصهيونية جهودا عظيمة مقرونة بالوعيد لنقض الكتاب الأبيض، فعاد مستر مكدونالد يفسر الكتاب الأبيض في خطابه الشهير إلى الدكتور ويزمان في فبراير سنة ١٩٣١؛ فكان الكتاب مثلا محزنا جديدا على ضعف الحكومة في المسألة الفلسطينية. وليس مثل هذا الضعف مما يرضي، بل ليس عادلا ولا متفقا مع الكرامة. ولن يستتب السلام في فلسطين إلا إذا أعيد النظر في مسألة الانتداب؛ ومن الواجب أن توضع سياسة جديدة على أسس التصريحات الرسمية السابقة في الموضوع، وتجري عليها كل الوزارات البريطانية، ويجب أن يستشار زعماء الأحزاب البريطانية الثلاثة، وان يقنعوا بضرورة إخراج المسألة الفلسطينية من معترك السياسة الحزبية؛ والسير فيها على خطة لا يحيد أحد عنها. ولا يستطيع سياسي بريطاني أن يزعم أنه قد وضعت بعد قاعدة لسياسة مرضية في فلسطين؛ والأمر يقتضي شجاعة أكثر لمواجهة الحقائق، فزمن المعجزات في فلسطين قد مضى.

واستمرار السياسة الحاضرة ليس في صالح اليهود ولا العرب ولا الإمبراطورية البريطانية. فانظر إليها من الوجهة اليهودية مثلا: هل يبقى الانتداب إلى الأبد؟ وهل نتصور أن يقنع الصهيونيون إلى الأبد بالاعتماد على الحراب البريطانية؟ لا ريب أن الدولة المنتدبة لم تكسب عرفان الشعب اليهودي بسياستها في فلسطين

أما معارضة العرب للانتداب فلا حاجة إلى ذكرها، ويزعم البعض أن هذه المعارضة من تدبير أقلية مغرضة من (الافندية) الذين يفقدون نفوذهم السابق بين الفلاحين بسبب ازدياد الرخاء الذي يحدثه الصهيونيون. وهي قصة سخيفة، لا يؤمن بها غير أولئك الذين يعتقدون بقيامأية ثورة شعبية في أي بلد. وسواء أكان الحكم الذاتي نعمة أم لا، فلا ريب أن عرب فلسطين قد تطلعوا إليه، ولكن على غير طائل. ثم إنا نجد الدليل على أن العرب إنما يعارضون سياسة الانتداب في مظاهرات اكتوبر الماضي التي لم توجه إلى اليهود كما كان يحدث من قبل، ولكنها وجهت إلى الدولة المنتدبة ذاتها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>