وفي الدنيا السخيفة تقاليد تحمي الصديق المخادع من انتصاف الصديق الصدوق. والتفكير في محاسبة الصديق هو في ذاته بلية، لأنه يفتح الباب لأهل اللغو والفضول، ويعرضك لمآثم الشبهات ومنكرات الأراجيف
والعدو اللئيم هو في الأصل صديق حميم. . . ولكن كيف؟ كان صديقاً يجب أن تكون في خدمته كيف شاء، وحين يشاء؛ فلما التويت عليه بفضل ما لك من وجود خاص تنكّر وتغير ومضى يضع في طريقك الأشواك بلا رحمة ولا إشفاق
الصديق الحق هو الذي يعتقد أنك أفضل منه وإن كان في الواقع أفضل منك
هذا هو الصديق. ولكن أين من يعرف هذا المعنى النبيل؟
أين الصديق الذي يعرف قيمة التضحية بأهواء النفس؟
أين الصديق الذي لا يريد أن يتخذ من شهرتك لوحة إعلانات؟
أين الصديق الذي يفهم أن من حقك أن تناضل لتسود؟
أين الصديق الذي يدرك أن المودة كالصلاة يفسدها الرياء؟
أين الصديق الذي يرى عيوبه ويعمى عن عيوبك؟
بل أين الصديق الذي لا تخاف أن يتزيد عليك؟
وا أسفاه لقد انقضت أحلامي وأوهامي. كنت أرى الجمال في وجوه الناس، فأصبحت لا أراهم إلا وأنا متفزع متخوف كالذي يمس الحية في غسق الليل. كنت كالطفل يأنس بجميع الوجوه، ويتسمع لجميع الأصوات، ويتشوف إلى كل ما في الوجود، ثم أمسيت وأشهى مناي ألا يطرق بابي طارق، وأن لا تقع عيني على مخلوق
كذلك ابتدأت وكذلك انتهيت، وعند الله والحب جزائي
آه، ثم آه!!
ما هذه الخطوط التي أسود بها وجه القرطاس؟
هذه الخطوط هي نصيبي من حب ليلى ومن عبث ظمياء
وتلك نهاية من يحسب أن نهار الحب لا يعقبه ليل
تلك نهاية العاشق الغافل الذي قضى الأعوام الطوال في عبادة الجمال
ولكن ما هذا اللؤم الذي ينحدر إليه قلمي؟