لماذا نثير من تراب مكة والمدينة قبضات في أجواء العالم الإسلامي حتى تكتحل به كل عين ويتوضأ منه كل وجه وتمتلئ به كل رئة؟
لماذا كل هذا؟
كل هذا لأننا نريد ونتوقع أن يرجع مولانا محمد إلى الأرض مرة ثانية في أشخاصكم أنتم أيها المسلمون، لأن الأرض حبلى مجنونة تلد كل يوم فرادى وتؤامى من الجرائم والنكبات والشناعات والقساوات وحرب الآراء والجماعات، ولن ينقذها إلا دكتاتورية رحيمة عادلة معقولة مثل دكتاتورية محمد كما يقول برناردشو الكاتب الأشهر. . . ولأننا نريد أن يؤمن المسلمون بأن المستقبل لهم لا محالة إذا ما بدءوا نهضة نفسية مبنية على تعاليم رسولهم التي تميت النزعات الآثمة الدنيئة التي تدور حول حب الحياة حباً يذهب أخص مميزات طالبي المجد. . .
ولأننا نريد أن نثبت دعائم النهضة العربية والإسلامية في النفس أولاً حتى لا تعبث بها الرياح أو يتسرب إليها السوس
وقد ضربت وضرب كثيرون على أوتار جديد في أحاديث الذكرى النبوية، ذلك لأننا نريد أن يفهم المسلمون إن الإسلام لم يكن مطلوباً ضرورياً لنا كدين نحن مقتنعون بصحته، ومكلفون التعبد به حتى نصفي نفوسنا. . . فهو على أقل تقدير أولى المبادئ التي يجب أن نعتنقها حتى نزيح عن أنفسنا وديارنا كابوس الاستعمار وضغطه الذي لا يرفعه عنا إلا مبادئ الإسلام العملية الصارمة التي أولها امتلاك كل منا نفسه ووضعه قلبه على كفه، واعتبار كل منا نفسه قوة هائلة تستطيع أن تفعل الأعاجيب في الأرض
ومتى امتلك المرء نفسه وملكها لمحمد، فلا والله أن تصل إليه قوة أرضية بسيف حديدي أو ذهبي. . . ومتى وضع كل امرئ قلبه على كفه، فليست هناك قاذفات قنابل أو مدمرات بارود تستطيع أن تدنو من ذلك القلب الصغير الذي صنعه الله من معدن سماوي لا يصل إليه كيد إلا من داخله. . .
وإلا فخبروني لماذا حتم القرآن في بعض آياته وظروفها على المسلم ألا يقر أمام عشرة من المشركين بل بجانبهم ويجالدهم حتى يقتلهم أو يقتل؟