للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الإنسانية على من يعظم بحيوانيته وحسب، فتراه وكأن مائة حمار ركبت منه في حمار واحد، ولكنه حمار عظيم. . .)

أرأيت إلى حمير الرافعي المائة، وعملت ما شأنها هنا؟

إنها لمجرد المبالغة في شدة الحيوانية. والمبالغة في موضع الجد والقصد، لا في موضع الدعابة والنادرة

فلماذا يباح للرافعي في الحمير مالا يباح للعقاد في القرود؟ وهذه سبعون وتلك مائة. وهذه قرود تحمل الدعابة والخفة في اسمها وجسمها، وتلك - أعزك الله - حمير تحمل الغباء والثقلة في (صورتها ونعتها)؟

إنه التعنت، وشفاء الحزازات التي عملت سببها فيما أسلفت من حديث

وبعد فما أعني بما أوردت من كلام الرافعي هذا، فمثله لا يعد نقدا، والذي يعنى بهذه المآخذ لا يكون إلا سخيفا؛ وإنما أردت فقط أن أصور هذا العنت الذي كان الرافعي يلج فيه وهو واقع في شر منه، وأن أبين كيف يصنع الحقد ببعض الناس، وكيف ينكشف (الذوق) المتصنع عن ثقلة وغفلة

وأحسب أنني حتى الآن قد أوضحت رأيي في الرافعي بالأمثلة الكافية كما وعدت في أول مقال. وبقي أن أوضح رأي في العقاد على ذلك النحو

ولكني قبل هذا سألقي نظرة على ما كتب الأستاذ محمود محمد شاكر متقيداً في هذا بوعد أسلفته في الكلمة الفائتة، أكثر من اقتناعي بأن هناك ما يستأهل هذه النظرة

فلننظر ماذا قال؟

كنت في حاجة أن أستعير أسلوب العقاد في الرد على الرافعي وأمثاله، أواجه به الأستاذ شاكر، إذ كان الموقف لم يتغير. ولكنى لحسن الحظ أهدأ من العقاد، وطبيعتي أقل حدة وضراما فلهذا كان أسلوبي هنا غير ما يحتاج إليه الموقف!

والأمر بيني وبين الأستاذ شاكر يمكن تقسيمه وتبويبه للاختصار

فهو (أولا) راح يطعنني في (حسن أدبي، ومروءة نفسي، ونبل قلبي، وشرف مقصدي، فيما كتبت. وراح يتهمني بمجانبة (الدين والتقوى، والحياة والتذمم). وبأنه ليس ما بي (هو النقد ولا الأدب، ولا تقدير أدب العقاد وشعره، فما هو إلا الإنسان وجه يكشفه النور ويشف عما

<<  <  ج:
ص:  >  >>