به، وباطن قد انطوي على ظلمائه فما ينفذ في غيبه إلا علم الله)
وكل ذلك والأستاذ شاكر لا يعرفني، ولا يعرف شيئاً عن أدبي ولا نفسي أو قلبي، ولم تكن التهمة في فهم الأدب أو فهم الحياة، حتى يكون له مبرر في مجال النقاش الأدبي، وإنما هي تهمة خلقية محضة؛ وأنا إنما كان حديثي عن نفس الرافعي في أدبه فماذا كنت أصنع للأستاذ؟
أكنت أرد عليه شتائمه وأكيل له صاعاً بصاع؟ إذن فما أنا بخير الرجلين!
أكنت أنفي عن نفسي هذه التهم؟. . . لأنا إذن ظالم لنفسي فما هي مما يستحق النفي. وأنا أعرف نفسي ودافعها في الحياة - وهذا حسبي - وهناك مئات يعرفوني معرفة الحقيقة والتقدير، وهناك ألوف يعرفون بالقراءة ونقد الكلام ما يجب أن يعرف، فما بي من حاجة بعد هذا كله إلى كلام
ولقد رددت على الأستاذ سعيد العريان ما عرض بي من جهل بأدب الرافعي. ولم أرد على الأستاذ شاكر فيما عرض به من شتائم خلقية، إذ كان الأول بسبب من الموضوع الذي أتحدث فيه، وإذ كان بيني وبينه من الصلات ما يبيح لي أن أتعتب عليه بشدة. فأما الأستاذ شاكر، فلم يكن له عندي هذا ولا ذاك فتركته يقول:
على أنه ماذا يورد من حجة على انزلاقه إلى الطعون الشخصية الوبيلة؟ إنه حديثي عن الرافعي الميت في إبان ذكراه الأولى
ولقد لقيني أديب كبير بعد هذا، فقال يتفكه: إن هؤلاء الجماعة يجلسون في المأتم ويرجمون المار بالحجارة، فإذا رجمهم الناس، صاحوا وولوا، وملئوا الدنيا تسخطاً ونعياً على الأخلاق لأن الناس لا يقدرون حرمة المأتم، وهم الذين استهانوا بهذه الحرمة حينما رجموا المارة!
ولقد كان ذلك فكاهة وحقاً!
فالمسالة أن الأستاذ سعيد العريان كان يكتب عن الرافعي، حتى لقد بلغ رقم مقالاته السادس والعشرين، فما رأيت ما يدعو أن أكتب أو أعلق، فهو صديق وتلميذ يقوم بحق الوفاء، وهو على هذا مشكور مبرور؛ ولكنه بعد ذلك انحرف عن نهج المؤرخ إلى نهج الناقد، فقال عن نقد الرافعي لوحي الأربعين إنه منزه عن العيوب، وقال عن رد العقاد إنه سباب وشتائم، فكان ذلك حكماً لا تاريخاً؛ وقال عن دوافع العقاد للرد وطريقته كلاماً لا يصدق على العقاد،