يبتغي أن يفهمه أنه يريد النقد، والنقد حسب، ولا شيء غير النقد! والح في ذلك إلحاح الظنين في الإكثار مما ينفي الظنة عنه غافلاً عن أن تكلف نفي التهمة بالإلحاح يثير الشك ويقظ الريبة في نفس من أراد الله له الخير. . . ثم يشرع الأستاذ (الأخصائي في للغة التي نعبر بها) يأتي بالشواهد من كلام الرافعي في نقد (وحي الأربعين للعقاد) ليثبت صدق ما ذهب إليه من الآراء في الرافعي
كان يشك في (إنسانية) الرافعي، ويزعم أنه خواء من النفس
ثم قرأ ما كتب الأستاذ سعيد العريان فعدل حكمه قليلاً!! ولم يعد يستشعر البغض والكراهية للرجل وأدبه، ولكن بقي الأساس سليماً. . . فما هو؟
كان ينكر على الرافعي (الإنسانية) فأصبح ينكر عليه (الطبع)
وكان لا يجد عنده (الأدب الفني) فأصبح لا يجد عنده (الأدب النفسي)
وكان الرافعي ذكياً قوي الذهن، ولكنه مغلق من ناحية العقل والأريحية
والرافعي أديب الذهن الوضاء، والذكاء اللماع!
والرافعي مغلق القلب متفتح العقل وحدة للفتات والومضات. هذا في المقالة الأولى، ثم نزل في الرافعي في الكلمة الثانية، ثم لم يكد يرمي الثالثة حتى زعم أنه حين عاد بعد ذلك فقرأ رسائل الأحزان أحس أنه (خدع!) في - قياس - ذكاء الرافعي! ومعرفة طبيعته ودرجته! ولكنه يحس الغضاضة في هذا التراجع فيعزيه (الصدق)! الذي يعبر عنه حين ينصت لإحساسه ويصور حقيقة رأيه. . . وتأويل ذلك عنده في مقاله الثالث أنه أخطأ في عدم! تحديد (الذهن). . . فمن الذهن ما هو سليم أو مريض، وما هو مشرق أو خاب، وما هو منفتح أو مغلق، (أو كما قال). . .
لقد قال في الكلمة الأولى ما رأيت، ثم قال في الثالثة ما رأيت من تراجعه، ولقد كان هذا التراجع في الثالثة مطوياً تحت الكلمات في الأولى وفهمناه وأدركناه، وكان أخر الرأيين هو الغرض الذي يسعى إليه. وإلا فما ظن أحداً يستطيع أن يعقل (ناقداً) قد فرض على نفسه النقد - أي التتبع والاستيعاب وصدق النظر - يصف رجلاً (بالذهن الوضاء)(والذكاء اللماع) والقوة في الذهن، والتفتح في العقل، ثم لا تمضي عشرة أيام. . . فيقرأ أحد كتب هذا الرجل، فيعود يقول في صفته إن ذهنه مريض غير سليم، (خاب غير مشرق)، (مغلق