أيريد الأستاذ (الأخصائي في اللغة التي نعبر بها) بياناً هو أوضح من هذا على سوء غرضه. .؟ الناقد رجل عدل منصف لا يزال يتتبع شوارد اللفظ، وأوابد المعاني يستنبئها أخبار أصحابها ويستنبط من قلوبها أسرار كتابها، ويكشف عنها خبيثة قائليها. .، ثم يحكم مميزاً مقدراً لا يجوز فيتجاوز الغاية، ولا يحيف فيقع دون المدى. وقد حكم هذا (الأخصائي!!) في كلمته الأولى حكمه الأول حين (استطاع أن يكون ناقداً، لا يكتفي بالتذوق والاستحسان أو الاستهجان، ولكن يعلل ما يحس ويحلله)!! كما قال في بدء كلامه
أوليس يقتضي - هذا على الأقل - أن يكون قرأ كل ما طبع من كتب الرافعي دون ما تفرق من كلامه في الجرائد والمجلات على كثرتها. .؟ بلى
أوليس يقتضي هذا - على الأقل أيضا - أن يكون حين حكمه قد استرد شتات ما بقي في نفسه من آثار كلام الرافعي فيها؟ قالوا بلى
أوليس يقتضي حق النقد والحكم - على الأقل أيضاً - ألا يصف الرافعي بالذكاء اللماع، والذهن الوضاء. . . وهذا الكلام المفخم - ألا يكون ذلك من آثار ما قرأ له من شيء. .؟ قالوا بلى
إذن فكيف - في عشرة أيام يا سيدي - يستطيع كتاب واحد للرافعي هو (رسائل الأحزان) أن يقلب - هذا (الأخصائي في اللغة التي نعبر بها)، وهذا الذي (استطاع!! أن يكون ناقداً) - رأساً على عقب، فلا يكتفي بسلب النعوت المفخمة (كالوضاء واللماع والمتفتح) فيترك الذهن هكذا مجرداً، بل يضع مكانها أضدادها فيجعله ذهنا (مريضاً خابياً غير لماع ولا وضاء، مغلقاً غير متفتح)
هآه. . . إني لأشك كل الشك في براءة الأستاذ مما غاظه من كلمتي الأولى مما سماه (شتائم). ولقد شهدت مرة أخرى (أن ما بالأستاذ قطب النقد، ولا به الأدب، ولا به تقدير أدب العقاد وشعره، فما هو إلا الإنسان وجه يكشفه النور ويشف عما به، وباطن قد انطوى على ظلمائه فما ينفذ إلى غيبه إلا علم الله). ولا زلت أقول له:(إنه لو عاد إلى داره مخلى من حوافز الحياة الدنيا) فقرأ ما كتب قراءة الناقد لوجد الاختلاط في لفظه بيناً، والغرض من ورائها متكشفاً. ولو شئنا أن نقول لقلنا فلم نكذب: إن كلامه لمشترك بين ضربين من