ورفلت بين قميص غيم هلهل ... ورداء قد تمزق اصفرا
والريح تنخل من رذاذ لؤلؤاً ... رطبا وتفتق من غمام عنبرا
الطبيعة في الغزل: -
قرأت قولنا في خمريات ابن خفاجة ورأيت أقواله في الخمر، ولابد لنا حتى تزول عنك تلك النشوة التي أصابتك من جمال وصفه ومن جودة تشبيهه من أن نورد على مسامعك هذه الأبيات:
وابتع بكيس كأس مشمولة ... واسحب ذيول اللهو واخلع وهب
واستضحك المجلس عن قهوة ... قد نبهت للصبح هدءا فهب
نارية اللذعة نورية ... في صفرة فاقعة أو صهب
وهز من عطفيك عن نشوة ... غضا إذا ما نفس الصبح هب
بأبيض كالماء مستودع ... ما شئته من أحمر كاللهب
لو ذاب هذا لجرى فضة ... أو جمدت تلك لكانت ذهب
فإذا صحوت من نشوتك فاصغ إذا شئت إلى قولنا في غزله والى وصفه الطبيعة في ذلك الغزل.
وانك بعد أن نورد على مسامعك غزله الرقيق ووصفه الأعضاء وتناسقها، والليالي وجمالها، والطيف وزيارته، ستجد في كل هذا وصفا للطبيعة لم يبلغه الكثير من أساطير الشعر. قال يتغزل:
فتق الشباب بوجنتيها وردة ... في فرغ أسحلة تميد شبابا
وضحت سوالف جيدها سوسانة ... وتوردت أطرافها عنابا
بيضاء فاض الحسن ماء فوقها ... وطفا به الدر النفيس حبابا
فهو يقول: إنها شابة فتق الشباب بوجنتيها وردة حمراء، كأن قامتها الهيفاء شجرة الأسحل تميد نضارة وشبابا، وكأن سوالف جيدها البلوري سوسانة، وكأن أطراف أصابعها عناب، وهي إلى ذلك بيضاء كأنما الحسن ماء فاض فوق جسمها فطف عليه حباب أبيض: يشير بذلك إلى أنها مطوقة بقلادة من الدر. ثم يختم تغزله بهذه الأبيات:
بين النحور قلادة تحت الظلا ... م غمامة دون السحاب نقابا