إن الحمامات قطعة من التاريخ القديم، إن تعهدها العصر بالتطرية والصقل كانت قطعة من النعيم:
وحمام دخلناه لأمر ... حكى صَقَراً وفيه المجرمونا
فيصطرخون فيه أخرجونا ... فان عدنا فإنا ظالمونا
هذا عهد للعطفة، ولقد تصرَّم قبله عهد كانت تشهد فيه حياة شيخ معهم من كُشَّاف الغيب طلائع المستقبل، شرَّق اسمه وغرَّب؛ وجاء الثناء على حذقة بالغيب من كل لغة ومنطق، يفضي إليه الناس كافة من شرقي وغربي، سيان في قصده حملة العمائم وحملة القبعات، أهل فينا عنده وباريس، كأهل أدفينا وسنتريس
كنا نشهد الباريسية المتحضرة الجامعية إلى جانب القروية المصرية داخلتين إلى الشيخ تستقرئانه رسالة المغيَّب فنقول: آمنا بالله! ما أشبه الناس بالناس! وما أقرب العلم من الجهل إذا تبرأ من العقل!
كان (السيد رمضان) صاحب ذلك البيت المتصدر نضر الله مثواه طليعة وعيناً على الغيوب والخفيات قلما تشهد في فصيلة الشيوخ والمعممين شيخاً مثله حلاوة شمائل ورقة هندام، ذلك إلى أنه كان قراره مزايا وملتقى خلال حسنه قلما تتهيأ لسيد غيره إلا بتوفيق من الله
كان السيد رمضان يحمل نفسا طروبا مرحة وأذنا موسيقية، صَناَع اللسان صَناَع اليد بالبيان العربي الساحر والتغني ونقر الأعواد والموسيقيات، كما هو صناع اللب بتكشيف المحجبات والخفايا، إذا جس أوتاره لمس بها القلوب، كما يلمس بأسراره الغيوب
فلما عبثن بأوتارهن ... قبيل التبلج أيقظنني
دعون هناك بأعوادهن ... فأصلحنهن وأفسدنني
شدَّ ما حفلت دار هذا المتجسس على الغيب في (ليالي حضراته) حتى فاضت بجمهرة ضخمة من العلية والسوقيين معا، وأمتها لأجلهم صفوة شائقة من نابغة المطربين في الشق كله. ناهيك منها (يوسف) و (عبده) و (عثمان) و (صالح العربي) وأين عهد صالح؟؟؟ فمن دون هؤلاء من المطربين إذ ليس فوقهم احد، ثم اختلف إليها معهم أسراب فاتنة من نبات الكناس وأسرى الحجال من كل مخبأة لعوب ميالة القد سحارة الطرف