وهي زهراء مثل لؤلؤة الغو ... صِ ميزت من لؤلؤ مكنون
حشدت هذه الغانيات هناك حتى غصت بها نوافذ بيت الشيخ وشرفاته، وأقبل الذاكرون ومعهم المنشدون فذكروا كل شيء إلا الله ولم ينسوا النوافذ والشرفات
وكن متى أبصرنني أو سمعن بي ... سعين فرقعن الكُوى بالمحاجر
هنالك كل ما خيل إليك من غمزات الجفون وعمل الفتون.
بينا القوم على ذلك تكلمت الأوتار وتصعدت آهات المطربين الفتانة وتصعدت معها (أنفاس محترقة) من الحشيشة المباحة لذلك العهد فلم ينصرف القوم إلا بقلوب محترقة:
قالت حكمة عتيدة:
(لو أمكن الغيب من نفسه لاستبدل باسمه) أجل: لو أن الغيوب مما يستشف أو يقرأ لما استحقت أن تسمي غيوبا وإنما هي إذن شهود
لقد صبَّ الله على هذا الشيخ المتأنق في مشافهة المغَيّب قرويا حقيرا من صفوف النعال فطرَّى الطابع فطرى الروح واللُّب، فأخذ يقبل به في الخدعة ويدبر، فلم يعتصم ولا شافهه غيبه بدخيلة أمره مع هذا المتحُّيل عليه حتى استنزله هانئا قرير العين عن ثلاثمائة دينار مصري كاملة زعم أنه مشترٍ له بها عقارا في الريف إذا هو رجع إلى أهله، فذهب بها طليقا مُرفَّهاً إلى اليوم ولم يشتر لعلاّمة الغيب إلا العار والسوءة: فهل ترشد الأمة المخدوعة؟
إن العلم والعقل ينصرهما الدين لم ينيرا سبيلاً إلى الغيب فما أجدر الحاكمين بأن ينزلوا بالشعوذة فتكة صارعة تغسل معرة الاجتماع وتثلج صدر العلم والعقل
هذه التي نصف، عطفتنا (عطفة الألايلى) فيما تُسمي و (عطفة القاياتي) فيما نريد، ضنكة مظلمة نأوي إليها مشتهاة فاتنة للألّف كما يأوي النحل إلى بيته وخلاياه، ورُبّ مملول لا يستطاع فراقه
ولي وطن آليت ألاّ أبيعه ... وألاّ أرى غيري له الدهر مالكاً
وحبب أوطان الرجل إليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهمو ... عهود الهوى فيها فحنوا لذلكا
شيئان من هذه الحارة مكروهان عندنا جدُّ بغيضين، ولا كتمان للحق، أول الشيئين الحارة