وذلك المبتسم الرصين ... كأنه بسره ضنين
أصغَى إليه سامع أمين ... فهو إذا صلى كمن يكون
في خلوة النجوى مع الحبيب!
وانظر إلى صاحبنا المختال ... في حلة ضافية الأذيال
أكان في حضرة ذي الجلال ... أم كان في عرض أو احتفال
يزهى على المحروم والسليب!
وكم مصل خافت الدعاء ... كأنما نصّ إلى السماء
رسالةً في عالم الخفاء ... فلا يني يبدو لعين الرائي
كالمترجي أوبة المكتوب!
ورب شيخ من ذوي الخلاق ... فرحان بالجمع وبالتلاقي
كأنه التلميذ في انطلاق ... بين تلاميذ له رفاق
عادوا إليه عودة الغريب
هذه هي الصورة الباطنة لتلك السحن الظاهرة، وليس فيها مالا نعرفه الآن، في مشاهد الصلاة، بعد أن أشار إليها العقاد. وهذه ميزة الشاعر ذي (النفس) الذي يلمح ما في النفوس، فيطلعنا على ما كان بين أيدينا غائباً عنا من صور الحياة وأنماطها، لأنه يجلوه في مرآة نفسه الخاصة
ثم يمضي بعد هذا الاستعراض، يطرق الفلسفة العامة، في دعابة وفسحة في النفس، تتلقى هؤلاء الأحياء المختلفي المطامع والأهواء تلقي الوالد العطوف لأبنائه، وهم يختلفون منازع واتجاهات، وهو يبسم ابتسامة التهكم الرفيق
تجمعوا في بيته تعالى ... وافترقوا في جمعهم أحوالا
وهل نسوا في أرضه النزالا ... فيحتويهم بيته أمثالا
على اختلاف السمت والنصيب!
لعلهم صلوا له ارتجالا ... فاختلفوا ما بينهم سؤالا
فلو أجاب السائلين حالا ... صب على رءوسهم وبالا
وألحق المخطئ بالمصيب