أسرع هضما، الذي نام فاستراح، أم الذي ظل نهاره يجري وراء الصيد؟ وقضى أطباؤه بالفوز للذي نام. لا يقول أحد أن رغبة فريدريك في المعرفة لم تكن مشروعة، ولا أن اتجاهه الى تحقيقها بالتجربة العلمية لم تكن محمودة، ولكن الذي يدم ان التجربة لم تخضع لشروط المسلك الخلقي العام.
القيد الثالث
قرأت حديثا مقالا افتتاحيا في (مجلة تحسين النسل) تناول فيها محررها موضوع الدعوى الحديثة في استكشاف طريقة علمية جديدة يتعين بها النسل قبل ولادته. فبعد أن تشكك الكاتب في المكتشف قال:. . ومهما يكن من الأمر فلا بد ان نتهيأ لأن نسمع يوما ما بأن قد انكشفت طريقة صحيحة مؤكدة للتنبؤ بالنسل أو التحكم فيه. فان وقع هذا، وهو لابد واقع وإن تأخر يومه، فقد وقعت اكبر ثورة في تاريخ البشر، فعندئذ يتجه الناس لا محالة في الانسال اتجاهاً يخل التوازن بين الذكر والأنثى اختلالا لن نختلف في نوعه وان اختلفنا في مقداره، فيصبح عدد الذكور عشرة أضعاف الاناث أو خمسة عشر أو عشرين ضعفا، وعندئذ كيف تكون الحال، لا أجسر أن أقول، ولا يجسر ذو الخيال الرائع ان يقول، وحسبنا أن نقدر أن أول ما يذهب من مُثُل الإنسان عفة المرأة وحرمة الزوجية، فهل من الحكومات حكومة تنظر الى الغد فتعد لهذا الانقلاب عدته؟ لعل أقرب من ذلك أن نرجو أن يتفق البيلجيون فيما بينهم، أن يتفقوا من الآن، على أن يحفظوا هذا السر عن الناس إذا هي تمخضت عنه الأبحاث، لأنه حدث سيكون أوخم عاقبة على المجتمع مما عرف من الأحداث. بالطبع ما من سر إلا افتضح على الأيام، ولكن سيكون قد انقضت مهلة قبل افتضاحه قد تمكِّن أولي الأمر وذوي السلطان من رفع الحواجز وإقامة السدود في وجه هذا السيل الداهم
فلنفترض ان ما يقوله المحرر حق، وان العلماء باتوا على مقربة من كشف هذا السر، وأن هذا السر إذا انكشف للناس فعلوا كالذي خاله الكاتب، فما يكون موقف العالم البيلجي عندئذ وما واجبه؟ أينصرف عن أبحاثه خشية ما تجره نتائجها؟ أيقف في السبيل وقد قارب النهاية احتفاظا بالعفاف الجنسي، ام يقول ان المنشط العلمي من حقه أن يتحلل مما قد لا تستطيع أن تتحلل منه مناشط الحياة الاخرى، وأنه رجل علم فهو بمعصم من المبدأ القائل