للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

منه جزءين نفدت منهما طبعات، قررته وزارة المعارف سنة ١٩٣٤، ولكن أموراً شكلية تتعلق بشروط قائمة بينه وبين (مكملان) حالت دون التنفيذ

وألف كتاباً عاماً في الأدب العربي في جميع عصوره، يقع في بضعة آلاف صفحة، وكان في نيته أن يطبعه، واشتغل في السنة الأخيرة من حياته بوضع مقدمة له وصفها هو بأنها: تقع من تاريخ الأدب موقع ابن خلدون من التاريخ؛ وأعد العدة لذلك، ولكن عاجلته المنية، فاقتطعه دون الأمنية

وله بعد ذلك مؤلفات في فقه اللغة كان يضعها لتلاميذه؛ لكنه لم يجعلها كتاباً عاماً لاعتقاده أن هذا من شئون الخواص. واشترك مع غيره في وضع كتب مدرسية في التاريخ العام وتاريخ الأدب والنصوص الأدبية أكثرها يدرس اليوم. وليس مقام البحث في هذه الكتب ودراستها، ولكنه مجرد سرد موجز لما عمله.

أخلاقه وصفاته وعلمه:

كان هيناً، ليناً، صريحاً، أبياً، عذب الحديث، بارع الجد، حلو الفكاهة، سريع الخاطر، حاضر النكتة، ظريف التفصيل والجملة، ميالا إلى العزلة، فكان يقضي في بيته أياماً لا يبرحه. وكان كثير القراءة، تمر به أيام يقرأ فيها خمس عشرة ساعة أو أكثر في اليوم. وكان سريع التعليق، ويقتني مكتبة عظيمة، وليس فيها كتاب لم يقرأه ولم يعلق عليه.

وكان أهم ما يعني به في قراءته بعد أن استوعب الكتب القديمة مطبوعة وخطية - هو الكتب المترجمة، وكان أول ما يقرأ في الصحف برقياتها الخارجية

أما معلوماته العامة فواسعة المدى، فهو سياسي مع الساسة، وأثري مع علماء الآثار، ومصور مع علماء التصوير، واجتماعي مع رجال الاجتماع، وهو كذلك رياضي وطبيعي وكيميائي ومؤرخ. وكانت له في كل هذه العلوم مشاركة تامة تدل على استبحاره. والموضوعات التي عالجها في كتابة نزهة القارئ، والكلمات التي وضعها في مجلة المجمع، ورسالته الأخيرة التي قدمها للمؤتمر الطبي العربي ببغداد - كل هذا يشهد بأنه كان ذا نشاط جم، وعقل جبار

ومجالسه مع أصدقائه تشهد بما كان له بينهم من جليل القدر وعظيم الأثر. حدثني أحد الفضلاء أنه شكا إليه يوماً تخبط الإنجليزية واضطرابها في شرح نظرية دارون، وأنه

<<  <  ج:
ص:  >  >>