قاربتم (الموضوع) وأردتم مناقشة الأمثلة، ظهر العجز الفاضح والقصور في الفهم والاطلاع. ليست كلمات الأستاذ (الطنطاوي) ببعيدة، وقد عجبت لاستطاعة الأستاذ (عبد الوهاب الأمين) أن يصبر على مناقشتها كما عجبت لصبر الأستاذ (كامل نصيف) في الرد عليها، في حين لم أجدني مستطيعا - على فرط المحاولة - أن أنظر إليها كشيء يستحق الالتفات!
وكيف يمكن أن تلتفت مثلا لرجل يكاد يفهم من قول العقاد عن الجيبون (يا عميد الفنون) أننا سنأتي غدا بقرد نجعله عميد (كلية الآداب) أو (الفنون الجميلة) فيفرَق لهذا الحدث الخارق من المجددين!. ثم ينتفض ذعرا من قوله (يا أبا العبقري والبهلوان) ويسأل الله السلامة من هذا (الاعتراف) الذي هو لحسن الحظ (حجة قاصرة)!
أو كيف يمكن أن تصبر على مناقشة رجل، يحلف لك بالطلاق أن كلمة (الجيبون) لا تدخل في شعر عربي، أو يستحلف سواه، ويفتي له بعدم طلاق امرأته! ويكون الحكم طبعا هو (مأذون الشرع) في قيمة الآداب!
وليته مع ذلك ابتكرها، فإنما هي بعينها قولة الرافعي في (على السفود) عن بعض الألفاظ في قصائد العقاد!
ووددت لو يحلف الأستاذ على هذا، فأفرق غداً بينه وبين زوجه - أن كان متزوجاً - لأن (ابن الرومي) وحده وهو شاعر عربي ذكر من مثل هذه الألفاظ العشرات في ألوان الطعام وأسماء الفواكه والخمر. كما ورد في أدب غيره!!
وبعد هذا تجد من يكتب فيقول لك: لم لا تناقش هذا الكلام؟ أناقشه؟ أكل من لاقاك في الطريق فقال كلاماً - أي كلام - تقف لتناقشه؟
على أنني وددت لو خفت حدة المناقشات، ولو عاد إليها هدوءها الذي بدأتها به في الكلمة الأولى. وهاأنذا أحاول الاهتمام ببعض مالا يصح الاهتمام به من الأقوال، وتناسي ما فيها من تعالم وتحفز، أو تفاهة وضآلة. ولعلني مفلح في تحويل هؤلاء الناس - كلهم - إلى معالجة الموضوع
وأبدأ بكلمة الأستاذ (رفيق اللبابيدي) وقد مهد لها بدالَّة الصداقة والزمالة، وساقها مساق من يورد رأيه - وليكن ما يكون - مما يشفع في تناولها بالتمحيص