للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وسحره وطبيعته، كالجوهرة التي يحرمها اللآل ويقنو نفيسها من لا يسومها. . . الخ

حين نقول مثل هذا فنحن في صميم الشعور الروحي. والجوهرة واللآل هنا أدوات للتشبيه، وليست مقصودة لذاتها، ولا مغالي في قيمتها. (وثراء النفس) هو الملتفت إليه، والمقدر ثمنا لهذا الحسن الفريد

أما إنكار الأخ لشاعرية العقاد فليس لي فيه كلام. ووددت - والله - لو أنني أملك طبيعة فنية أخرى، أهبها للزميل. ولكني آسف معذور. وكذلك قولي في الحديث عن (الجيبون)!

أما أسئلة (ع. . . دمشق) فوددت لو خلت من هذا (الجفاف الناشز) في آخرها. ومع هذا فسأغض الطرف عنه، وأعتبرها أسئلة لمستفهم لا متعالم!

فمن السؤال الأول: أذكر أن في الأشياء حياة نابضة في ضمائرها، وهي أعمق وأولى بعناية الفنان من الحياة الظاهرة على سطوحها ولو اتصلتْ بها - فحياة الزهر الظاهرة تبدو في لونها ورائحتها وطراءتها. . . الخ. أما الحياة النابضة في ضميرها فهي المتصلة بتعبير الحياة المعنيَّ في هذه الزهرة، وقصد الطبيعة من إنشائها. وهي الحياة التي تستمد من نهر الحياة الكبير الجاري منذ بدء الخليقة إلى نهايتها، المتدافعة أمواجه في كل حي وجد أو سيوجد. وهي الحياة التي تكون حلقة في سلسلة الحياة الكبرى المتطورة من الخلية الواحدة إلى الإنسان. وهذا الالتفات الأخير هو الالتفات الفني لنظرية دارون، الصالح لأن يتناوله الفن والأدب، لأنه يتناول الحياة في معرض أطوارها ونماذجها المعَّبرة

وعن السؤال الثاني: أذكر أن السائل أخطأ في إرجاع الضمائر إلى ما تعود عليه في الجملة. فنشأ هذا اللبس، فأنا لم أقصد أن الحياة الظاهرة على سطوح الأشياء - غير أشكال (الحياة) وصورها. إنما أردت أنها غير أشكال (الأشياء) وصورها فلا داعي للسؤال. أما أن العناية بالحياة في الضمير والحياة في الظاهر أولى بالتفات الفنان من صور الأشياء وأشكالها، فهذا حق. والذي يقول:

وكأن محمر الشقي ... ق إذا تصوب أو تصعد

أعلام ياقوت نشر ... ن على رماح من زبرجد

لا يرى غير أشكال الأشياء وصورها، ولا يعني بحياة الشقيق في سطوحها ولا في أعماقها، فيكون قوله تافهاً وإن سومه عشاق التشبيهات النفيسة بسعر كبير!

<<  <  ج:
ص:  >  >>