دمعة لم أترجم معناها إلا بعد سنتين، يوم جاءني يقول والدمع يلمع تحت أهدابه:(إن وهيبة مسافرة إلى زوجها في أمريكا؛ ليس من الحق أن تبقى هنا وهو هناك!)
ثم يومَ جاءني بعدها يقول وفي يده صحيفة أمريكية. (انظر هذه الصورة، إنهم يسمونه هناك: أصغر سائح مصري في أمريكا. . إنه حفيدي الصغير. . .!)
لقد كان الرافعي يحب أولاده حباً لا أعرف مثله فيمن أعرف؛ ووهيبة كبرى أولاده، ذكرها في (الديوان)، وغنى لها في (النظرات) وأرَّخ زواجها في (عرش الورد)
وكانت المقالة التالية هي (الإنسانية العليا)
وهي باب من القول في الأدب الديني تنتظم مع (وحي الهجرة) و (الإشراق الإلهي) و (سموّ الفقر) تحت باب واحد. . .
. . . كان يعتاد الرافعي كما يعتاد كلَّ إنسانٌ، نوباتٌ من الضيق والهم تقعد به وتصرفه عما يحاول من عمل؛ ولم يكن له علاج من هذا الضيق الذي يعتاده إلا أن يقرأ قرآناً أو ينظر في كتاب من كتب السيرة النبوية، فينفرج همه ويزول ما به، ويهون عليه ما يلقى من دنياه. . .
في نوبة من هذه النوبات التي تضيق بها الدنيا على إنسان، تناول الرافعي كتابا من كتب الشمائل يسرِّي به عن نفسه، فاتفق له رأي. . . وخرج من مطالعته بمقالة (الإنسانية العليا)
. . . وكان للرسائل التي ترد للرافعي في البريد من قراء الرسالة أثر يوحي إليه في أحيان كثيرة بما يكتب لقرائه، فهي منهم وإليهم؛ فمنذ بدأ الرافعي يكتب في الرسالة أخذت رسائل القراء ترد إليه كثيرة متتابعة في موضوعات شتى ولمناسبات متعددة، حتى كان يبلغ ما يصل إليه أحياناً في اليوم الواحد ثلاثين رسالة؛ وكان يقرؤها جميعاً ويحفظها في درج خاص من مكتبه؛ وسأتحدث عن هذه الرسائل في باب خاص له موعده، إنما يعنيني اليوم أن أتحدث عن الموضوعات التي استملاها من رسائله. ومن هذه الموضوعات مقالة (تربية لؤلؤية)
كانت تصدر في القاهرة في ذلك الوقت مجلة (الأسبوع) وقد فتحت صدرها لطائفة من شباب الجنسين يكتبون فيها وحي عقولهم وقلوبهم و. . . وغرائزهم، وكانت صفحاتها