الذين ماتوا قبل أن نولد، وما يكون الشأن مع شعراء الجاهلية؟ لنتناولنهم بالتقديس، أو لنبعدهم كالآلهة! أليسوا قد سبق بهم التاريخ؟!
والآن فلندع (اللت والعجن) الذي ليس معه إلا إرخاص الوقت، واحتقار المناقشة الأدبية، وامتهان المعارف الإنسانية
لندع هذا إلى عالم آخر. لنتحدث عن (سارة) قصة العقاد قصة الحب، ترجمة لحياة قلب، فإذا كان هذا القلب قلب العقاد أو قلباً صاغه العقاد، فهي إذن ترجمة حياة ممتازة. وهذه هي (سارة)، التي كان نصيبها من الصحافة المصرية (الصحافة التي تحابي العقاد)! بضع كلمات، لم تصل واحدة منها أن تكون فهماً كاملا لهذه الترجمة الممتازة، ولم تصل الحياة الأدبية في مصر أن تكون لهذه القصة شروح وفقرات تربى على حجمها الأصلي مرات. وهو الذي كان يجب أن يكون!
حين نقول عن هذه القصة: إنها تصوير صادق للحب في النفس الإنسانية، لا نكون قد فهمنا شيئاً كثيراً منها، ولكنا حين نقول: إنها (فيلم) فني يستعرض قلباً وعقلا ممتازين أو (طبيعة فنية ممتازة) في حب امرأة خاصة بكل معاني الخصوص نكون قد وضعنا شيئاً من الرموز لهذه القصة الفريدة
ليس في القصة حوادث (في الخارج) ولكنها حافلة بالصور النفسية الباطنية، والخلجات القلبية المضمرة. وليست مصوغ على مثال من أنواع القصص، ولكنها مصبوبة في القالب الوحيد الذي يناسبها، ويناسب طبيعة العقاد في آن
ما الحب؟
سؤال له عشرات الأجوبة؛ ولكن أي نوع من أنواع الحب هو المراد بالسؤال؟
إن للحب (أنواعا) شتى، فلكل نفس حب، وللنفس الواحدة صنوف منه شتى. فأي (صنف) منه كان حب (همام لسارة) في قصة العقاد؟
إنه حب الرجل الفنان الناضج ذي الطبيعة الممتازة، للمرأة الممتازة في نفسها وجسمها وطبيعتها
وإذا قلنا (الرجل) فقد عنينا الصحة والسلامة في هذا الحب؛ وعلمنا أنه قائم على أسسه الطبيعية الخالدة، التي رسمتها الطبيعة للحياة يوم خلقتها، ومهدت لها وسائل الدوام والخلود