وصحيح أن سارة صاحبة الفضل لأنها صاحبة هذه الشخوص، ولكن (هماما) صاحب الفضل الأول في الفطنة لها، والاستمتاع بها. أو قل: هو العقاد صاحب الفضل ومنشئ سارة وهمام!
ويكمل هذا ذلك الحوار البارع الطريف، الذي عقده العقاد، بين شخوص سارة المختلفات ما بين صفحة (١١٦) وصفحة (١١٩) من الكتاب
ويلفت النظر في هذه القصة، ذلك المزيج الغريب بين متعة الروح ومتعة الجسد، بحيث لا تفترقان ولا تتميزان، فأنت تجد (هماماً) يحب في (سارة) روحها وعقلها وجسمها، ولكن هذه كلها مزاج واحد، وقد ارتفع بلذة الحس فيها إلى الروحانية الصافية، ولكنها ليست روحانية الخيال الغرير، بل روحانية البحر الذي يطهر كل ما فيه ويجلوه ويحيه
وإنك لتقرأ رسالة همام إليها فتدرك منها كل شيء. وإليك بعضها وهو يحاول استنقاذها من السقوط الجسدي الرخيص
(اذكري نوبات الحيرة وتبكيت الضمير التي كانت تساورك حين تحضرين إلي، واذكري كيف كنا نفترق وقد هدأت نفسك بعض الهدوء واسترح ضميرك بعض الراحة. . . كان اهتمامي بك حتى بالغضب عليك يفرج شيئاً من الضيق الذي يسد عليك منافذ الأمل لأنه يعطيك فكرة عالية في نفسك، فيعزيك ويقويك ويرفع عنك ذلك الصغار الذي يسمم كل شعور وينغص كل نعيم
(اذكري كيف كان وجهك يشرق بالبشاشة من عهد قريب، وكيف ظهر ذلك على صحتك وملامحك، فسألتني في يوم من الأيام بين الجد والمزاح: أصحيح: أصحيح أن وجهي يمتلئ ويحلو؟ كان ذلك وأنت تشعرين إلى جانبك بنفس إنسانية تحنو عليك وتفكر فيك، وتجتهد في عذرك ما استطاعت، وترعاك في الغيبة والحضور. وهذا أحوج ما تحتاج إليه المرأة خاصة في هذه الحياة
(فكل امرأة - بلا استثناء - في وسعها أن تجد رجلاً يأخذها جسداً، ويطرحها سائماً بعد حين، بلا أسف ولا شكر ولا احترام
(ولكن ليست كل امرأة واجدة تلك النفس العطوف التي تفهم الدنيا وتفهمها، وتحب لها