العقاد فيفهمه ثانياً. والكاتب يقر بأنه لم يختلط بالرافعي وبأنه يكره أدبه. ولا يخطر بباله مع ذلك أنه أساء تقدير الرافعي لنفس السبب الذي من أجله رأى أن العريان أساء تقدير العقاد
ويرى الكاتب أنه ينبغي في تحديد معنى السب والشتم أن يطبق علم النفس وعلم الأخلاق على العالم الأدبي فلا ينظر إلى الألفاظ ولكن إلى أسبابها وملابساتها. ولا يلتمس للرافعي عذراً من هذا الباب الذي فتحه لالتماس العذر للعقاد
ويعذر العقاد في قسوته على الرافعي لأنه يصور على الأقل ما يعتقد هو أنه حقيقة، ولا يعذر الرافعي بمثل هذا العذر في قسوته على العقاد
ويعتذر عن العقاد فيما أتى إلى مخلوف باعتقاد العقاد عظم الفرق بين نفسه وبين مخلوف، وحنقه أن يجترئ مثل مخلوف على نقده. وقطب نفسه مستعد للثورة والحنق إذا تناول أدبه متناول بمثل ضيق الفهم واستغلاق الشعور اللذين تناول بهما مخلوف أدب العقاد. أي يعتذر عن نفسه وصاحبه في غضبهما لأدبهما بحسن رأيهما في نفسهما وسوئه في غيرهما، وهو باب من العذر يسع كل الناس لكنه لا يتسع للرافعي ومن معه وإن كان الرافعي أجدر أن يثور لإنكار العقاد إعجاز القرآن كما حكاه العريان
ويعتب على العريان في صدد ما كتب عن تلقيب العقاد بأمير الشعراء أنه سمح لصداقته للرافعي أن تعدو على التقدير الصحيح للعقاد، ولا يعتب على نفسه هو أن سمح لصداقته أو محبته للعقاد أن تعدو على التقدير الصحيح للرافعي. وبعبارة أخصر، يتهم العريان في تقديره العقاد لصداقته للرافعي، ولا يتهم نفسه في تقديره الرافعي مع ما يعلم من بغضه الرافعي ومحبته العقاد
ويعيب على الرافعي إتيانه في شعره بالمعاني المألوفة المأنوسة التي سبق إليها الشعراء مثل:
إن يقض دين ذوي الهوى ... فأنا الذي بقيت ديونه
ومثل:
تضني المحب كأنما أجفانها ... ألقت عليه فتورها وملالها
يرى ذلك من ناحيته تقليداً من الرافعي لشعراء الدول المتتابعة والمماليك في مصر وشعراء