للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

القول. غير أن في نفسي من العقيدة المبنية على عديد التجارب، ما يجعلني أومن بهذه الحقيقة إيماناً صحيحاً لا يخامره شك ولا يزعزعه ريب.

ولم لا نقر بها وكلنا يعلم أن المرأة مربية الرجل ومهذبته، ومعلمته الأولى في مدرسة الحياة؟

ولم نرتاب في صحتها وقد علمنا الماضي من تاريخ الإنسانية وحاضرها أن نصف الأمة لا يصلح إذا بقي نصفه الأخر مشلولاً؟

بل لم لا نأخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار، وقد لمسنا أثر المرأة البعيد واضحاً في تكوين نفسية الطفل، وعرفنا مدى تأثيرها في حضارة الأمم؟

فنحن إذا نفذنا إلى دخيلة أمتنا وتغلغلنا في كل مناحيها، مرهفين السمع إلى دقات الحياة ينبض بها قلبها، فماذا نسمع أيتها السيدات؟

أنسمع دقات يؤلف مجموعها وحدة موسيقية جميلة اللحن، منسجمة النغم، تطرب لسماعها القلوب وتسر؟

كلا! إننا لا نسمع إلا دقات متفرقات، تنبض مضطربة حائرة، لا تكاد دقة منها تنبعث من بين الضلوع متزنة قوية، حتى تتبعها أخرى وأخرى، تعيد القلب إلى مجرى الفتور والخمول الذي كان عليه.

فالمريض إذاً من جسم أمتنا هو القلب، وأول الأدواء الذي تجب مداواته هو داؤه لأن عقل الأمة المفكر الذي هو الرجل لا يصبح دقيقاً صحيحاً إلا إذا شفي هذا القلب وعاد ملاذاً أميناً يأوي إليه العقل ليجدد بقربه قواه الفكرية، ويستعين ببصيرته النافذة على استكشاف ما مضى عليه من أمور.

منذ أيام كنت أتحدث إلى عالم جليل وزعيم في طليعة الزعماء الذين أحيوا الحركة القومية في هذه البلاد وبعثوها حية من تحت أردية الموت. ومما قال لي هذه الجملة التي ينطوي معناها الدقيق على حقيقة بليغة:

(إذا أبصرت عبقرية تشع أنوارها وتلألأ في سماء المجد ساطعة، فأيقني أن ورائها امرأة توقد جذوتها وتبعثها من مكمنها.)

عبقرية تبعث فيها الحياة امرأة؛ وتوقد شعلتها المقدسة وتحولها نوراً ينشر ضيائه اللامع

<<  <  ج:
ص:  >  >>