كلا! إننا لا نسمع إلا دقات متفرقات، تنبض مضطربة حائرة، لا تكاد دقة منها تنبعث من بين الضلوع متزنة قوية، حتى تتبعها أخرى وأخرى، تعيد القلب إلى مجرى الفتور والخمول الذي كان عليه.
فالمريض إذاً من جسم أمتنا هو القلب، وأول الأدواء الذي تجب مداواته هو داؤه لأن عقل الأمة المفكر الذي هو الرجل لا يصبح دقيقاً صحيحاً إلا إذا شفي هذا القلب وعاد ملاذاً أميناً يأوي إليه العقل ليجدد بقربه قواه الفكرية، ويستعين ببصيرته النافذة على استكشاف ما مضى عليه من أمور.
منذ أيام كنت أتحدث إلى عالم جليل وزعيم في طليعة الزعماء الذين أحيوا الحركة القومية في هذه البلاد وبعثوها حية من تحت أردية الموت. ومما قال لي هذه الجملة التي ينطوي معناها الدقيق على حقيقة بليغة:
(إذا أبصرت عبقرية تشع أنوارها وتلألأ في سماء المجد ساطعة، فأيقني أن ورائها امرأة توقد جذوتها وتبعثها من مكمنها.)
عبقرية تبعث فيها الحياة امرأة؛ وتوقد شعلتها المقدسة وتحولها نوراً ينشر ضيائه اللامع