على مشارق الأرض ومغاربها، مخترقاً النفس البشرية موضحاً ما غمض من أمورها، كاشفاً ما خفي من ألغازها؟
إنها نغمة انبعثت أول ما انبعثت من أرض عربية، ثم انتشرت على بقية الآفاق فغناها أبناء الغرب وما زالوا يتغنون بها بينما نحن نسينا لحنها
إنها نغمة انبعثت إلى الوجود يوم انبثق فجر الرسالة العربية من آفاق غار حراء، وأخذت أشعته المنيرة تخترق قلب كل عربي فتبدل كفره إيماناً، وشكوكه ثقة وعقيدة، ويوم كانت إلى جانب الرسول العربي الكريم امرأة تحيي عبقرية النبوة في قلبه كلما أصابتها فرية من سهام المفترين
غير أنني لا أحمل المرأة وحدها تبعات هذا النسيان؛ فلشريكها الرجل نصيب غير ضئيل منها، لأنه أهمل شأنها زمناً طويلاً وأسرف في هذا الإهمال، فكان من جرائه أنها بقيت قابعة في زاوية مظلمة من زوايا الحياة لا تشترك في أمر من أمورها حتى تكون لدى الكثير من الرجال اليقين بأنها مخلوق وجد ليحيا على هامش الحياة، وأن جميع حقوقها وامتيازاتها محفوظة للرجل في كل زمان وفي كل مكان
لست في حاجة، أيتها السيدات، إلى إثبات خطأ هذا الادعاء، لأن جسامة خطئه واضحة فيه. بل ما أريده هو كشف اللثام عن إدعاء لست أدري أيسر التصريح به أسيادنا الرجال أم يغضبهم
إن إسراف الرجل في أنانيته قد حمله على إبعاد المرأة عن جد الأمور وخطيرها معللاً ذلك بسبب تجردها من الصفات العقلية والفكرية التي تمكنها من إدراك دقائق هذه الأمور وتقدير خطورتها
وكأني بهذه الدعوى بل هذه النظرية المبنية على غير الواقع قد سرت بالعدوى إلى المرأة فأخذ وهمها يستولي عليها مع مرور الزمن شيئاً فشيئاً حتى أضحت لديها حقيقة واقعة يخيل إليها أنها تبصر وميضها يشرق من نوافذ عقل الرجل ناسية أنها الأم التي أنشأته طفلاً وكونته رجلاً، وأنها الزوج التي قاسمته الحياة على السراء والضراء. فنشأ فيها من جراء هذه الخاطئة ضعف أضاف إلى وضعها الطبيعي ضعفاً آخر، وجعل منها برهاناً يدعم به الرجل صحة دعواه، ودليلاً يثبت خطأ هذه الدعوى