ولعل مما تزيده هذه الحالة وضوحا قراءة هذه الأبيات بعنوان (النعيم المفقود)
فيم اجتنابك ظلها الممدودا؟ ... ولم اتقاؤك يومها الموعودا؟
ولأي طارقة كرهت مزارها ... وذممت طالعه، وكان حميدا؟
تلك المآلف كنت تهتف باسمها ... كيف اجتويت جنابها الممهودا؟
تخشى اللمام بها وتفزع أن ترى ... شفة تردد ذكرها ترديدا
كانت سماءكما فأصبح وردها ... كالقبر يغشاه النزيل وحيدا
وغدت كأنك حيث تقبل واجد ... شبحاً هنالك للنعيم شريدا
الآن فاستقبل بكل محلة ... رصداً يردك هائماً مزءودا
وأقم لنفسك في منازل لهوها ... منفى على قرب الديار بعيدا
لا النيل مطروق الرياض ولا حمى ... خوفو على تلك الذرا مقصودا
وترى دواعي (عين شمس) بُدّلت ... لعناتِ شؤم ينتحين طريدا
يجني عليه بشوشها ويذوده ... ما كان يجذبه إليه سعيدا
وجد الجحيم بكل أرض من رأى ... في حيث سار نعيمه المفقودا
وإذا كنت لا أستطيع أن أستقصي الحالات النفسية في القصة، فلابد أن أشير إلى حالة الشك من ص٢٤ إلى ص٢٧ في القصة، وأن أنصح طلاب الأدب النفسي الرفيع بمراجعتها وقراءة قصائد: (يوم الظنون ص٣٢٧ والحب المريب ص٣٢٨ من الديوان. وكذلك فصل (القطيعة) والوعي الفني لحالة همام وسارة قبلها، وهما يندفعان في القرب واللقاء، ويندفعان في الوقت ذاته إلى القطيعة من حيث يشعران أو لا يشعران!، ولا يكون للحب من غذاء هذه الفترة إلا قوة الاستمرار من الماضي، وخوف المستقبل، لا الرغبة في البقاء والدوام وذلك من ص٨٦ إلى ص٩٠ من القصة. ومثلهما حالة (همام) بعد اليقين وسفر أمين في ص١٩١ من القصة ومعها قصيدة اليقين ص٣٣٩ وقصيدة السلو ص٣٣٥ من الديوان
وفي قصة (سارة) عقد المؤلف فصلا بعنوان (لماذا هام بها؟) تقرأ هذا الفصل فترى فيها التفسير الكافي لا لحب (همام) بل كذلك لغزل (العقاد) كله في دواوينه، وتلمح فيه ذلك النضوج الفني والنفسي الذي ألمعنا إليه في خصائص (سارة) الأولى.