للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومكانها وأهوائها، ويرى المرأة الذكية وهى تقرأ النثر والشعر، وتنتقد الصور المتحركة، ويرى المرأة العصرية وهى تتغلب على امرأة الجيل الغابر في ميدان، وتخضع لها وتنهزم أمامها في ميدان، ويرى من وراء ذلك جميعه، وفي كل ذلك جميعه، المرأة الخالدة التي لا تتحول ولا تتبدل، و (الأنثى) السرمدية التي يهمها من (الذكر) الحماية والجاه قبل كل شيء وبعد كل شيء، ولا يهمها العقل والرجحان والفضائل والمناقب إلا لأنها وجه من وجوه الحماية والجاه)

و (هام بها) ثالثاً: لأنهما (مازالا يتكاشفان ويتكاشفان حتى علما أنهما مكشوفان لا يتواريان في جنة لا ينبت فيها ورق التين، فكان هذا التكاشف سبباً ثانياً من أسباب هيام همام

(ومن أسباب هيامه بها ألفة متغلغلة في أنحاء النفس والجسد كألفة المدمن للعقار المخدر: من شاء أن يسميها حباً فهو صادق ومن شاء أن يسميها بغضاً فهو صادق، ولمن شاء أن يزعم أن المدمن يتعاطى عقاره وهو راغب فيه، ولمن شاء أن يزعم أنه يتعاطاه وهو ساخط عليه. فقصارى القول أنه يتعاطاه، وأن الإقلاع عنه يكلفه جهد الطاقة وغاية المشقة)

و (هام بها) لغير هذا وذاك وذلك من الأسباب، والقارئ خليق أن يقولها في نفس واحد، لقد هام بها لأنه رجل كامل الرجولة، ولأنها امرأة كاملة الأنوثة مع ما فيهما بعد ذلك من امتياز واختصاص

والناس يحبون، ولا يسألون أنفسهم لماذا أحبوا، ولا يكلفون أبطال قصصهم هذا السؤال. ولكن العقاد هو الذي يصنع ما يقول همام:

(أنا أستمتع بالشيء ثم أبحث عن فلسفته، وإنني لأبحث عن فلسفته كما يجيل الشارب الكأس في جميع جوانب فمه ولهواته، كما لا يبقى جانب من النفس لا يأخذ نصيبه من متاعه، فأحسه، واعمله، وأذكره، وأفكر فيه، وأستقصي معناه!)

وهذه الجملة مفتاح من مفاتيح أدب العقاد، ولاسيما غزله الذي يقف أمامه المغلقون، فيقولون هو غزل عقلي، تملؤه الفلسفة، وتقل فيه العاطفة. ولعلهم يعرفون الآن لماذا يتفلسف العقاد بعد الاستمتاع، ولعلهم يدركون أن هذه إحدى وسائله لتعميق الإحساس بالحياة، وإفساح جوانبها لمتعة العاطفة، وكل جوانب النفس الإنسانية

وأنت واجد بعد كل أولئك في (سارة) مظاهر واضحة لنضوج الحب في نفس (همام)

<<  <  ج:
ص:  >  >>