المصرية والغربية، تغرب الشمس فيشرقن فيه يتفرجن من يوميات البيت الجاهدة، ويستسلمن إلى سمر حار ممتع يرسل نفوسهن على السجية؛ وتارة هو ملتقى صفيين يخلوان إلى نجوى الشوق في غفلة من الوشاة
إن الوجوه لتتقابل هناك متعارفة مؤتلفة لكثرة ما تلتقي لديه، حتى لقد ترعى بين زائريه حدود الآداب فيعرف أحدهم لجليسه كرسيه ومجلسه، وكأنما أجد لهم طول الإِلف ضرباً من التفاهم يلفهم فيه أسرة واحدة يرمون المحدث فيهم بالنظر الشزر. أنا جالس في ندينا الساعة حيث أكتب هذا، والدولة لليل، وقد نبض سلك الثريات بالنور فأضاءت، وحوالي خفرات من الأوانس محجبات وسوافر يبسمن لذويهن فيذبن الأسى، تحلل الظلمة تحت الثريات، ويفاوحن الروض بعرف زكي كأنما يرود لهن القلوب، والعَرف من بَريد الحب
شدَّ ما يسترسل الأوانس هناك في تبذلٍ ومجانة يتجاوزن بهما حد الرشاقة والدل إلى الخلاعة، كأنهن حين شهدن تبرج الطبيعة تشهَّين أن يسايرن حسنها السافر فساقطن عن حر الوجوه براقع شفافة كأنها أغشية البلور، وأخذن في مرح بحت يعملن فيه الرشاقة والدل
تلك التي انتبذت ناحية طفلة ناهدُ في سنِّ البدر وحسنه، أحسبها تفلتت الساعة من المدرسة لما يلوح عليها من غرة بالتلفف
جلست الفتاة تتنظر خديناً لها فهي تتلفت متململة تلفُّت الطائر على الغدير، حتى أقبل طلقاً وضاح الأسارير فسلم ثم عدل بها إلى مكان يجور عن مساقط النور ومواقع النظرات، ألف العشاق أن ينزلوه، يسرهم أن يجمعوا بين كحل ظلمته وبين العيون فما ينيره غير جبين وضاح
جلسا معاً هناك، وجه إلى وجه، وساق على ساق، في أمن من سرى الأبصار والظنون:
أقول وجنح الدجى مُلْبِدُ ... ولليل في كل فج يدُ!!
ونحن ضجيعان في مِجْسَدٍ ... فلَّله ما ضمن المجسَدُ!
أيا ليلة الوصل لا تنفدي ... كما ليلة الهجر لا تنفدُ
ويا غَدُ إن كنت بي راحماً ... فلا تدْن من ليلتي يا غدُ