يقولون: تزويج وأشهد إنما ... هو البيع إلا أنَّ من شاء يكذب
وكأنما تقول:
إن المرأة مخلوقة من جو هذا الكون ونسيمه، فأخلق بها أن تروح في حرية ذلك الجو الطَّلق
يعز علي أن يكون رأيي في المرأة هذا الحكم الجافي، ولو آثرت العاطفة دون العدل لم يكن أحد آثر من المرأة بالترفق
إن اليد التي تصرف القلم بالعاطفة لا تحسن إلا حمل الدف أو العود
هذا كله وأكثر منه في طبقة النادي العليا، أما طبقته السفلى فأن لها شأنا غير تلك نصفه على أنه أعف وأنزه. هذا قس رزين مثر من القساوسة خلفاء المسيح صلوات الله عليه، يحمله إلى النادي مركب سريٌّ، وله ضيعة فخمة، كلٌّ ما يلوح عليه من سمات الدين لحيته وطيلسانه، ومسبحة يديرها آونة، لا يكاد يساجل جليسه إلا حديث الضيعة وقصر يبتنيه؛ ولكنه غر كريم بكل ما يشهده حوله من هذه الحياة الماجنة، يصف الهداية كما تصفك المرآة وكأنه في هذا النادي المستهتر بقية الهدى في فؤاد المفتون!
حبيب إلى نفوسنا أن يتنزل رجال الدين من علياء مجدهم وتدينهم إلى حيث الطبقة المتحضرة اغتباطاً بدنوِّ الدين المصلح الرشيد من المدنية الفاتنة المسترسلة، وأنى يكون ذلك؟
وذلك رومي يجلس على مقربة مني لا ينفك فمه يختلج بهمس تتحرك له شفتاه كأنه ممرور أو موسوس، وكأنما يعد شيئاً يعقد له أنامله. وماذا عسى يعد هذا المنكود إلا أيام عشيق هاجر كأنه يتبرم بالحب؟ وهل لأحد على حبه خيار؟ ذلك طماح شديد
دعي عد الذنوب إذا التقينا ... تعالي لا أعُدُّ ولا تعدَّي
أما تلك الفتاة اللعوب الشرهة النظرات التي تتصدر في حفل لها فيه عشيق، فقد ألبس علينا أمرها، أمستباحة هي أم حَصان مخبأة؟ فإنا لفي هدأة من ليل ساج يكاد أحدنا يحبس فيه نبضه خشية أن يقطع سكونه، ويترفق بالنفس خيفة أن يضرمه بحرقته، إذ خلصت إلينا مع النسيم نغمة فاتنة ساحرة، يحملها حمل النفحة مجهولة المهب، على أنها حلوة الخطرة