يا ساقيَّ أخمر في كؤوسكما ... أم في كؤوسكما هم وتسهيد؟
أصخر أنا؟ مالي لا تحركني ... هذي المدام ولا تلك الأغاريد؟
ماذا لقيت من الدنيا وأعجبُهُ ... أني بما أنا باكٍ منه محسود
واطربا لك أيها الشادي! وحر قلبي عليك! لقد أحسنت وأربيت. من أنت جعلت فداك؟ ومن أية النواحي مَسرَى الموت؟
تلفتت العيون بعد أن تلفتت القلوب تطلب مغدي الصوت فإذا فتاتنا اللعوب هي التي ترسله حاراً كزفرة المحب، وإذا هي مطربة نابهة من المعروفات كأنما تناست مجلسها من الحفل وخيل إليها المرح أنها جالسة بين زملائها على (التخت) فانفرجت شفتاها بتلك الأغنية ثم بدا لها أن تقني الحياء فأمسكت ولم تبرح إلا مكرمة مفداة
بينما نصغي بأسماعنا إلى غناء الآنسة الأخاذ دخل إلى النادي رجل عسكري عظيم في (رتبة اللواء) ألف طروقه يتحدث فيه إلى أستاذ مدرس من المعممين فيزأران بالحديث حتى يستحيل النادي بصوتهما كلية للفنون أو معئرك حرب، يزخر مرة بالبحث والتحليل، ويفهق أخرى بالصليل
يلقى المنية في أمثال عدتها ... كالسيل يقذف جلموداً بجلمود!
ولعهدي لهذا الصوت الصاخب ينشد شعراً مرة، فليت شعري من راض ذلك الطبع العصيَّ على رقة الأدب، وتناشد الأشعار؟ أجل، إن الراضة يأخذون الليث الهصور بالرياضة والتأنيس حتى يصبح أنيساً طيعاً. هذا كلب صاحب الناديقد شهدت من يلقي له قطعات السكر فيأكلها التهاماً، فلما سمعت الشعر يمتضغه العسكري العظيم، قلت: ما أشبه الشعر في فم الرجل الجاف الخشن بالسكر في فم الكلب الشره! وإن من الشعر لحكمة:
وهذا الرومي صاحب النادي يأبى كل الأباء أن يعد النرد للاعبين في الطبقة العليا من ناديه إغلاء بهدوء الزائرين، أفلا تكون للضابط العظيم شمائل ذلك الرومي الجافي فيعفينا بل يعفي زائراته الرقيقات من الصخب، كما أعفانا صاحبه من (النرد) بل ليت لنا من يقول له: رفقاً أيها الأسد بالظبيات أو القوارير
ليس فيما يقطع السكوت في الخلوات أشهى إلى المستريض المبعد مسه السغب من نداء