الطويل المبني على نظرية فرويد في العقل الباطن أن تطبق أبيات القصيدة على القبلة المقصودة فتقول مثلاً ما هو ذلك القمقم السابح في الدم المسجونة فيه تلك الشهيدة؟ أما نحن فلا نحسب أحدا في حاجة إلى نظرية فرويد أو غير فرويد في العقل الباطن أو الظاهر ليعرف أن رغبات الحب التي يتلهف إليها تؤلمه قبل تحققها فإذا تحققت هدأ وارتاح وسعد زمنا ما، ولا نحسب معرفة ذلك تحتاج إلى استعداد خاص في أحد، فكل إنسان يدركه في نفسه، حتى الطفل لو نطق وأحسن التعبير لقال إن ذلك كذلك، وفي دموعه قبل تحقق كل رغبة شديدة وابتسامه أو ضحكه بعد تحققها ولما تجف دموعه ما يغني عن كل نطق وتعبير. لكن صاحبنا ذا الثقافات يزعم أنك لا تعرف ذلك إلا إذا كنت ذا استعداد خاص وتثقفت بنظرية فرويد!. ليكن ذلك. فكيف يمكن فهم تلك الأبيات إذن في ضوء نظرية فرويد؟
إن أقل ما يطلب في الشعر الجيد ذي المعاني العلمية المتراكبة أن يحتوي على إشارات واضحة تكون مفتاحاً إلى تلك المعاني لمن يعرفها، بحيث إذا توجه الذهن إليها بدأ يدرك المعنى العميق المقصود، ولا يزال ذلك المعنى يزداد وضوحاً وتفصيلاً بالإشارة بعد الإشارة، والقرينة جنب القرينة، حتى يرتفع كل شك فيه، ويلبسه الكلام كأنما كان مقدراً عليه. لكن هذه القطعة فيها إشارات تصرف الذهن عن معناها إذا كان معناها هو كل ما ذكر سيد قطب. وأول ما تلقى فيها من هذه الصوارف هو هذا القمقم السابح في الدم، فانك تحاول جهدك أن تجد له تفسيراً حتى بعد معرفتك مرمى القطعة فلا تستطيع.
ثم ليكن ذلك القمقم ما يكون، فعند أي طرفي الحب هو! إن كان عند المحب فهو لا شك يعرف رغبة نفسه ويعرف طريق التعبير الذي يريد، فلا حاجة إلى معجم عريف الطلاسم ليحل له اللغز. وإذا كان القمقم للحبيبة وكانت سعادته هو مسجونة فيه - كما هو الأقرب إلى المعقول - قام تفسير السيد قطب وتطبيقه نظرية فرويد حائلاً دون ذلك، إذ تصبح النوازع والرغبات المكبوتة هي نوازع الحبيبة ورغباتها، فكأنها هي التي تشتهي القبلة لا هو، والشعر صريح في أن عكس ذلك هو المقصود.
فالقطعة كما ترى متخاذلة متضاربة إن حاولت أن تطبق عليها كل علم سيد قطب، وأن تفهم منها بالعقل ما فهم هو منها بالوهم. أما إذا تركت النظرية العلمية جانباً وحاولت أن