فأنتجت وافر الإنتاج وأبدعت غاية الإبداع، وطافت على قصور (لمبارديا) فكستها الجمال، وأكسبتها الفتنة والملاحة. وراحت إيطاليا كلها بعد لومبارديا تذكر فرانشيسكو بكل إجلال وإكبار
كان رافائيللو في روما يرهف سمعه للصدى الخلاب الذي تتجاوبه الأفواه المعجبة. وكان يصغي بقلبه للحديث العذب الذي يتحدث به أهل بولونيا عن فنانهم العظيم، وكان يطرب لموسيقى اسم الفنان ويتشوق لرؤية آثاره وطلعته، وقد أسعفه الحظ فرأى ما أعجبه فاتصل روفائيللو بفنان لومبارديا فأطرى طريقته إطراء جميلاً وامتدح أسلوبه وقرظ فنه الحسن العجيب
لقد بلغ فرنشيسكو بحق منزلة رفيعة من لطف الحس ورقة الروح وجودة الأسلوب ودقة العمل، وقد أعجب بفنه كثير من الكتاب، وغالي أحدهم فدعاه إله الفن. وقد قال (كافاتزوني) إن روفائيللو بعد أن رأى (عذراء فرانشيسكو) تحرر من الجمود الذي علق بفنه من إتباعه طريقة (بروجا) وخلص من الجفاف المشاهد اليوم على بعض لوحاته من قبل تأثره بفن فرانشيسكو. وروح الفنان كالأسفنجة ما جاورت غديراً إلا تشربت من مائه
لم يكن إطراء رافائيللو لفرانشسكو إلا قوة جديدة دفعته إلى الاستزادة، ورأى أن فنه لم يصل بعد إلى المكانة القصوى، واتخذ من مدح رفائيللو له جناحاً جديداً سيساعده على الطيران في عالم الخلود
كان فرنشيسكو دون سائر الفنانين يستطيع أن ينافس رفائيللو الحظوة التي كان ينعم بها عند البابا وفي نفوس أهل روما، وكان في قدوة فرنشيسكو أن يباري رفائيللو في حلبة الفن ويطاوله في سماء المجد، ولكن الحظ لم يواته فلم ير لرفائيللو أثراً ليضرب الطريقة التي يسير عليها ضربة قاتلة. كان مقيما ببولونيا لم يبرحها طيلة حياته، وكان رفائيللو مقيما بروما وروما ضنينة به والبابا من أحرص الناس على ملازمته. وكان فرانشيسكو الشيخ يتشوق لرؤية آثار فنان روما قبل إغماضه الغمضة الأخيرة، رغم الفكرة التي استخلصها من وصف الناس لفنه ومن الكتب التي كان يتلقاها منه لماماً، فقدر أنه مثيله في نواح متعددة، وقد يفوقه في إحدى النواحي العميقة التي وصل إليها بطول المدة التي مارس فيها الرسم