في النفس، إن لم تفقها بأضعاف! بل إن الثانية يصحبها ألم تقييد المطلق وتحديد اللانهائي وتضييق الواسع وضغط المعاني في قوالبها وطمس جمالها بالألفاظ العجزة
وأنا شخصياً لا أجد في نفسي نشوة حين أقول بقدر النشوة التي أجدها حين أفهم ما يقال من الآثار الجميلة
والإلحاح في طلب الشهرة من طريق تتابع الآثار الأدبية الخفيفة الوزن والمحصول هو عيب أكثر أدباء الشباب. فلو عرف كل أديب أن لا عليه أن يصمت حيث لا جديد عنده يضيف إلى ميراث الأدب سطراً قيماً، لاستراح هو من النقد واستراح القارئ من تكرير المعاد المكرور (ومت بداء الصمت خير لك من داء الكلام)
والإلحاح في طلب الشهرة ينبئ عن (مركب نقص) دخيل يحسه صاحبه ويريد أن يغطيه عند نفسه أولا وعند الناس ثانيا. وما يعظم العظيم حتى يتوارى عن أعين الناقصين إشفاقا عليهم من آلام الحسد والفقد. وإذا اكتملت معاني الثقة والعظمة في نفس عاشت منها في ضجة يخيل إليها معها أن بصيرة الناس تحسها وآذان القلوب تسمعها، فلا حاجة بها بعد ذلك إلى إعلان أو إلحاح ولجاجة.
وكم يحملني شخص لم يكتب إلا كلمة أو لم يخطب إلا مرة واحدة على احترامه وتقدير ما عنده لأني عرفت نفسه وجوهر فكره وقلبه.
وكم يحملني آخر من (محترفي صناعة الكلام) على احتقاره وازدراء ما عنده ولو غطى نفسه بألف رداء من التظرف أو التوقر أو البراعة في اللعب بالألفاظ. . . جوهر النفس أشع وأوضح من أن يخفى. . فليعرف ذلك الخادعون للناس والمخدوعون في أنفسهم المغرورون بالألفاظ، السيئو الظن بعقول الناس وذاكرتهم وتأويل صمتهم. . .