وقال خالد بن صفوان: يغدو قانصنا فيجيء هذا بالشبوط والشيم، ويجيء هذا بالظبي والظليم. . . والشبّوط والشيم من أنواع السمك
وقال ابن أبي عيينة أيضاً:
ويا حبذا نهر الأبلة منظرا ... إذا مدّ في إبانه الماء أو جزَر
ويا حسن تلك الجاريات إذا غدت ... مع الماء تجري مصْعدات وتنحدر
وسقيا بساتين البصرة ومزارعها من المد. وذلك أن شط العرب يمد ويجزر. وقد وصفه الشعراء والكتاب والرحالون على اختلاف العصور
قال خالد بن صفوان:
وأما نهرنا العجيب فان الماء يُقبل عنقاً فيفيض متدفقاً، يأتينا في أوان عطشنا، ويذهب في زمان رينا، فنأخذ منه حاجتنا ونحن نيام على فُرشُنا. فيقبل الماء وله عباب وازدياد لا يحجبنا منه حجاب، ولا تغلق دونه الأبواب، ولا يتنافس فيه من قِلّة، ولا يحبس عنا من علة
وقال الجاحظ وهو يعدد عجائب البصرة:
منها أن عدد المد والجزر في جميع الدهر شيء واحد، فيقبل عند حاجتهم إليه ويرتد عند استغنائهم عنه؛ ثم لا يبطئ عن الأرض إلا بقدر هضمها واستمرائها وجمامها واستراحتها، لا يقتلها عطشاً ولا غرقاً. يجيء على حساب معلوم، وتدبير منظوم ومدد ثابتة، وعادة قائمة، يزيدها القمر في امتلائه كما يزيدها في نقصانه. فلا يخفى على أهل الغلات متى يتخلفون ومتى يذهبون ويرجعون، بعد أن يعرفوا موضع القمر وكم مضى من الشهر، فهي آية وأعجوبة، ومفخرة وأحدوثة، لا يخافون المحْل ولا يخشون القحط
قال ياقوت الحموي:
كلام الجاحظ هذا لا يفهمه إلا من شاهد المد، وقد شاهدته في ثماني سفرات لي إلى كيش ذاهباً وراجعاً، ويحتاج إلى بيان ليعرفه من لم يشاهده: وهو أن دجلة والفرات يختلطان قرب البصرة ويصيران نهراً عظيماً يجري من ناحية الشمال إلى ناحية الجنوب؛ فهذا يسمونه جزراً، ثم يرجع من الجنوب إلى الشمال ويسمونه مدا، يفعل ذلك كل يوم وليلة مرتين. فإذا جزر نقص نقصاناً كثيراً بينا بحيث لو قيس لكان الذي نقص مقدار ما يبقى أو