يعين النقد في الحكم بين أديب وأديب، أو بين مذهب، في الفن ومذهب حكما يبقى على الورق لا يدري من تأثر به، ولكن ليتبين الناس به سبيلهم في فوضى الفنون هذه فيأخذون من الفنون ويدعون طبق ما هو حق وطبق ما هو خير
إن الفن ومنه الأدب له من الأثر في حياة الفرد وفي حياة الجماعات أكثر مما للعلم، لأنه متصل بدخيلة هذه الحياة في حين يتصل العلم عند أكثر الناس بظاهرها؛ وإذا اتصل عند أقلهم بباطن حياتهم النفسية فقد صار باباً من عند ذلك القليل. إن الفن يعمل في نفس الفرد ويكيف حياته الباطنة أن لم يكن كل التكييف فبعض التكييف، لكنه على أي حال تكييف بعيد الأثر في حاضر الإنسان ومستقبله. ولسنا نغالي إذا قلنا إن مستقبل الإنسان فرداً أو جماعة يتوقف الآن على نوع هذا الأثر الذي يحدثه الفن في النفوس
ومن عجيب الأمر أن الناس يكتبون ويتكلمون عن الفن كأنه دائماً يوجه إلى الخير وكأنه دائماً على صواب. إنه ينبغي أن يكون دائماً كذلك من غير شك، لكن هل هو دائماً كذلك؟ بل هل هو دائماً كذلك؟ إنك لا تستطيع أن تجيب جواباً نافعاً حتى يكون لديك معيار صدق تعرف به الخير من الشر في الفنون كما تستطيع أن تعرف الحق من الباطل في العلوم. ولن تجده في هذه الفوضى السائدة بين مذاهب الفلسفة والأخلاق والفنون وإنما تجده من غير شك في الدين
لكن أصحابنا المجددين أنصار ما يسمونه الأدب الحديث يفرقون من ذكر الدين كأنما تلسعهم من اسمه النار. كذلك فزع أحدهم بالعراق، وكذلك يفزع هذا الآخر في مصر وإن زعم أنه أفهم منا في للدين. ليته كان كذلك حقاً فنغتبط له، فان ذلك مما لا ينقصنا من ديننا شيئاً ولكن يزيده في دينه. لكن المسألة في الدين ليست مثلها في الأدب الذي يكتبون كلاماً لا يرجع فيه أصل ثابت ولا معيار. إن كل ما يتصل بالدين ممكن الرجوع فيه إلى الأصل لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه: القرآن. وما غمض علينا من القرآن يمكن تبين معناه المقصود من السنة سنة الرسول صلوات الله عليه. ونحن معشر المسلمين مأمورون بأن نرد كل ما نختلف فيه إلى الله والرسول إن كنا نؤمن بالله واليوم الآخر:(يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم، فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلا) فلعل صاحبنا إن