أن يعمل بالفضائل التي جاء الدين لإيجابها على الإنسان حتى يبلغ ما قدر له من الرقي في النفس والروح - إذا خالفت الفنون الدين في شيء من هذا أو في شيء غير هذا فهي بالصورة التي تخالف بها الدين فنون باطلة، فنون جانبت الحق ودابرت الخير وأخطأت الفطرة التي فطر الله عليها الناس والخلق، والتي تريد الفنون أن تكون منها في الصميم، فإذا كان من شأن بعض ما يعمل أو يكتب باسم الفن أو الأدب أن يتجاوز في تأثيره ما سبق على عظمه، فيحول بين الإنسان وبين ربه، ويدخل عليه الشك في دينه بأي صورة من الصور ولأي حد من الحدود، كان ذلك البعض المعمول أو المكتوب باسم الفن أو باسم الأدب زوراً وإفكاً في الفن والأدب والفطرة والدين على سواء
فنحن حين ندعو إلى وجوب نزول الفن والأدب على حكم الدين وروحه، وتحريهما التطابق التام بينهما وبينه، لسنا نبعث ولا نتجنى ولا نتحكم في الأدب والفن بما لا ينبغي التحكم به فيهما
إننا نوجد معياراً للحق والصواب والخير في الفن والأدب حين لا معيار لذلك كله فيهما؛ ونيسر للفن والأدب طريق التثبت من انطباقهما على الفطرة التي فطر الله عليها الناس، ونحقق لهما بذلك اتحادهما مع الفطرة في الصميم. ونحن بذلك الذي ندعو إليه ونقول بوجوبه نحقق بين الفن والأدب وبين الدين تلك الوحدة المتحققة بين الدين والعلم، فتتحقق وحدة حياة الإنسان كلها بذلك وتبرأ حياته من ذلك الداء المستعصي والشر البالغ شر وجود التناقض والتنافر بين ما يعشق من فن ويعتقد من دين. ثم نحن بعد هذا ووراء هذا نترك الفن والأدب بما قلنا ودعونا إليه من وجوب سيرهما مع الدين يداً بيد، وجنباً لجنب، وروحاً مع روح، على الطريق التي يحققان منها رسالتهما في الناس، رسالة الصدق والحق والخير والفضيلة والعزة والسعادة والهدى والنور، لا رسالة الكذب والباطل والشهوة والإثم والمجون والفجور
فالمسألة في الأدب - إذ لا بد من الرجوع إلا ما كنا فيه - ليست مسألة لفظ ومعنى فقط ولكنها في صميمها مسألة روح. فريق يريد أن يجعل روح الأدب روحاً شهوانياً بحتاً يتمتع صاحبه بما حرم الله وما أحل، لا يفرق بين معروف ومنكر، ثم يصف ما لقي في ذلك من لذة أو ألم أو غيرهما من ألوان الشعور ويخرج ذلك للناس على أنه هو الأدب! وفريق يريد