كل مسلم، لأن الولي في عرفهم يشمل النبي، إذ يقولون إن ولاية النبي أفضل من نبوته، ولا يبالون أن يكون أصحابهم أفضل من أبي بكر وعمر والعشرة المبشرين بالجنة الذين كانوا يخافون الحساب ولا يأمنون العقاب؛ ولم يكن عندهم بشارة النجاة منهما. إذ لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون
حكي لي بعض القضاة قال: كان في محكمتي تسعون عدلاً في البادية. وقد تقصيت الصالح والطالح منهم لأعلم مقدار ثقتي بهم في حقوق المسلمين فوجدت عشرين منهم متساهلين لا يؤتمنون على الحقوق؛ وحين دققت النظر في السبب تبين لي أنهم جميعاً تجانيون، فبقيت متحيراً حتى انكشف لي أن السبب هو اتكالهم على أنه لا حساب ولا عقاب بترصدهم فانتزع الخوف من صدورهم. كل هذا سببه الفساد الذي أدخله جهال الطريق عليها فأفسدوها وانعكس المقصود من الطرق التي كان يقصد منها ردع الخلق عن المعاصي والتوبة منها وزيادة خوف الله فصارت إلى أمن مكر الله، وإزالة مخاوف الآخرة من عقولهم فلا يبقى في قلوبهم ذرة من خوف الله وإنما تمتلئ بتعظيم شيخهم حتى تتراءى لهم عظمته فوق عظمة الله ورسوله
ومعتقدي في الطريق التجانية الحقيقية نزاهتها عن هذه الهذيانات وهذه الإباحة المقنعة إذ كان فيها فحول الدين وأساطين العلم، مثل أشياخنا: مولاي عبد الملك العلوي الضرير سيدي محرب التهامي الوزاني، سيدي الوالد المقدس، سيدي الحاج محمد بن محرب عبد السلام كنون، سيدي أحمد بن أحمد بناني. . . ومن قبلهم كسيدي إبراهيم الرياحي التونسي ومن قبله، ومن بعدهم ممن هم موجودون الآن وفر الله جمعهم ووفقهم للقيام بأحكام الطريق. وقد ذكرت في الفهرست وفي الفكر السامي تراجم جملة منهم. وكانوا سرج هدى في علوم القرآن والسنة والوقوف عند أمرهما؛ وحاشاهم أن يتمذهبوا بطريق تؤسس على ما يوهم خلاف عظمة الإسلام والشرع الإسلامي أو يرضوا بذلك وهم من هم علماً وديناً وورعاً وذباً عن الإسلام وغيرة عليه. ومنهم من كان يذكر هذه الزوائد علناً، ومنهم من أنفصل عن الطريق لأجلها كسيدي الفاطمي وغيره رحمة الله عليه
أما كتاب (جواهر المعاني) الذي ألفه أحد العوام من أصحاب الشيخ التجاني، فأخذ أكثره حتى الخطبة بلفظها من كتاب (المقصد الأحمدي) الذي ألفه قبل الشيخ التجاني سيدي محمد