محمد بن الصميلي صاحب الحاشية الفريدة على القاموس الذي استقى منها كثيراً السيد مرتضى صاحب (التاج)، وعنه يعبر بشيخنا وله عشرات الكتب غيرها في اللغة والأدب توفى سنة ١١٧٠، إلى غير ذلك. . .
بقى الكلام في العلوم الفلسفية بمعناها القديم الذي يشمل الرياضيات والطبيعيات ومنها نوعان لهما ماض زاهر في الكلية، فمنذ انضمام الأندلس إلى المغرب في أيام المرابطين، جعل الاحتكاك بأهل الجزيرة يفعل فعله في توجيه أنظار أهل هذه البلاد إلى الأخذ بأسباب تلك العلوم، وكان أن انتقل إلى هنا - بانتقال الدولة - كثير من علمائها المتحققين بأجزائها فتهافت عليهم طلبة القرويين يقتبسون من مشكاتهم ويأخذون بأدواتهم فما لبثوا أن شاركوهم في جميع تلك التعاليم ونظروا إليها نظرتهم ونبغ منهم أفراد كثيرون كان لهم قياس (حس) على فنون من العلم الطبيعي والرياضي والإلاهي وآثار جميلة في جميع ذلك وما برحوا عاملين على بثها ونشرها والتواصي بتبليغها وتلقينها لمن يأتي بعد جيلاً فجيلا حتى تأدت بقية منها إلى العصر الحاضر في مظهر من البلى والقدم لا يٌرضي أنصارها ومحبيها وإنما كان ما تحت ذاك المظهر لا يزال يحوي كثيراً من الفوائد القيمة والحقائق العلمية الثابتة
فمن رسل الثقافة العلمية من أهل الأندلس إلى المغرب أبو بكر ابن باجة الفيلسوف والعالم الطبيعي والرياضي والطبيب والموسيقار المشهور، وأبو العلاء بن زهر الطبيب البارع المدقق في شتى الأمراض، وابنه أبو مروان صاحب كتاب التيسير في المداواة والتدبير، والذي أثر تأثيراً بليغاً في الطب الأوروبي بترجمة كتبه وهو ميت فكيف يكون تأثيره في المغرب وهو حي؟ وأبو بكر ابن طفيل الفسكسي والطبيب والفيلسوف المشهور صاحب قصة حي بن يقظان وأبو الوليد بن رشد الذي ما أثر تأثيره أحد في نهضة العلوم بأوربا. وقد كان في بلاط الخليفة الموحد يوسف ابن عبد المؤمن الذي بلغ في رعايته وإكرامه وهو الذي حمله على شرح كتب أرسطو وتلخيص فلسفته
ومن الأفراد النابغين في هذه العلوم من أبناء البلاد الذين درجوا من الكلية وتخرجوا فيها العلامة أبو الياسمين كان فرداً في العلوم الرياضية من هندسة ونجوم وعدد، وله أرجوزة في الجبر قرأت عليه بأشبيلية سنة ٥٨٧ وكان هو الذي نشر ذلك العلم بها. ويوسف بن مأمون الإسرائيلي الطبيب والرياضي الكبير قرين موسى بن ميمون وصاحبه بمصر