للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المذهب الجديد؟ أو خذ ديوان أمير المؤمنين عبد الله ابن المعتز ففيه أيضاً مخازٍ يعجب لها الأستاذ الغمراوي. أو خذ ديوان الرجل التقي النقي العلوي صفي الدين الحلي وانظر إلى مجونه وغزله المؤنث والمذكر، أنظر مثلاً إلى سبب تضمينه الأبيات الآتية في قصيدة له والأبيات أولها (أيا جبلي نعمان بالله خليا الخ الخ)

إن أدباء المذهب القديم وأدباء المذهب الجديد في أيام شبابهم قد قرءوا كل هذه الكتب وقرءوا ما فيها مما لو رآه الأستاذ الغمراوي لطمسه. وقد تأثر كثير منهم بها إلى حد جعلهم لا ينكرون وجودها وجعلها في نظرهم أشياء طبيعية مألوفة. وأدباء المذهب الجديد قد قرءوا الكتب العربية قبل قراءتهم كتب الأدب الأوربي الذي يخشى الأستاذ الغمراوي قدوتها. فإذا كانت كتب الأدب الأوربي قد أثرت فيهم فان كتب الأدباء والشعراء التي يستنكرها الأستاذ خلاف لا بد أن تكون أبلغ أثرا في نفوس الفريقين؛ وهي أيضاً بليغة الأثر في نفوس فتيات وفتيان المدارس لأن هذه الكتب يستعيرها التلاميذ والتلميذات بمدارس البنين والبنات، فهي بمكتبات المدارس ويُحَثُّ التلاميذ والتلميذات على قراءتها. لو كان الأستاذ الغمراوي يعرف ما يكتبه الطلبة من الحواشي أحيانا على هامش هذه الكتب المستعارة لعرف مقدار أثر كتب الأدب القديم في نفوس النشء. إني أتوسم في الأستاذ الغمراوي الإنصاف، ومن أجل ذلك أعتقد لو أنه بحث هذه المسألة وفحص أثر هذه المؤلفات وأمثالها بعد أن يدرس مجونها ويهتدي إليه بهداية أهل العلم بأماكنه لا أعترف أنه إذا كان لأدبٍ ما أثر في دفع الشبان إلى المجون والإباحية في الأخلاق فهو أثر الأدب القديم، وأن هذا الأدب القديم غير مقصور الأثر على التلاميذ والتلميذات، بل إن أثره يشمل أدباء المذهب القديم العصريين وأدباء المذهب الجديد على السواء. ولا يعجب الأستاذ الغمراوي إذا قيل أن الأدب الأوربي الحديث إنما يؤدي دينا عليه للعالم العربي، فأن الأدب والشعر والفكر العربي كما كان في الحضارة العربية ولا سيما العباسية والدويلات التي أتت بعدها كان كثير الحرية إلى حد الإباحية في الخلق أحياناً؛ وقد كان هو والأدب الإغريقي القديم من العوامل التي قضت على أدب التعفف والتقشف المسيحي في القرون الوسطى.

وما يقال في الأدب القديم عن الآداب والأخلاق يقال أيضاً عن العقيدة. نفسها فلو رجع

<<  <  ج:
ص:  >  >>