كما كانت وضعية النمسا لأن فرنسا وروسيا لا تقفان مكتوفتي الأيدي أمام اجتياز الجيوش الألمانية تشيكوسلوفاكيا؛ وفي ذلك خطر على السلام ومن جراء ذلك تنشأ حرب عالمية
وفي الواقع لم تتردد فرنسا في إظهار موقفها إذ هي في اليوم التالي لضم النمسا إلى ألمانيا أكدت بكل صراحة وعزم، أن فرنسا تنفذ تعهداتها لتشيكوسلوفاكيا المذكورة في معاهدتي ٢٥ يناير ١٩٢٤و١٦ أكتوبر عام ١٩٢٥؛ وفي ١٥ مارس أعلنت روسيا بأنها ستقوم بواجباتها نحو تشيكوسلوفاكيا التي تقتضيها معاهدة الدفاع المتبادلة المؤرخة في ١٦ مارس عام ١٩٣٥. وفي ١٤ مارس رفض رئيس الوزارة البريطانية التعهد لتشيكوسلوفاكيا بمساعدتها حين التعدي عليها؛ غير أنه ذكر أن القوى البريطانية تساعد الدولة المعتدي عليها في نظر حكومة جلالته. ثم أضاف منذراً:(إنه عند ما ينظر في السلم أو الحرب لا تراعى فقط الواجبات الحقوقية. . . وإنه من المحتمل أن بلاداً أخرى بجانب البلاد التي هي داخلة في النزاع تصبح حالا فريقاً فيه. وهذا الحكم صحيح بصورة خاصة على بريطانيا العظمى وفرنسا) ومعنى ذلك أنه إذا دخلت فرنسا الحرب لإنقاذ تشيكوسلوفاكيا فان بريطانيا ستكون بجانبها
كان لهذه الإنذارات الثلاثة وقع شديد في برلين، وكان من نتائجها أن حفظ استقلال تشيكوسلوفاكيا، وفتح باب المفاوضات بين حكومة براغ والهر هلنين لحل مشكلة السوديت. وقد نصحت حكومتا لندن وباريس حكومة براغ بالتساهل مع رعاياها الألمان. وكانت حينئذ حكومة براغ آخذة في وضع نظام الأقليات، فتقدم حزب السوديت الألماني إليها في ٧ يوليو (تموز) عام ١٩٣٦ بمذكرة عرض عليها فيها الدخول في مفاوضات على أساس تحقيق المطالب التي جاء ذكراها في المذكرة. وكان من المتفق عليه أن يظل محتوى المذكرة مكتوماً خلال المفاوضات بين الحكومة ورؤساء الأحزاب لتسهيل سيرها. وكان مفهوماً حينئذ أن مضمون هذه المذكرة لا يختلف عن المطالب الثمانية التي أعلنها الهر هنلين في خطابه الذي ألقاه في كارلسبارد في ٢٣ أبريل.
اجتمع الدكتور هودزا في ٩ يونيو (حزيران) مع مندوبي الهر هنلين وباشروا المفاوضات. وفي ١٥ منه صدر بلاغ رسمي مشترك يشير إلى أن الاتفاق تم على أن تكون مذكرة السوديت ونظام حكومة بشأن الأقليات بمثابة أساس مفاوضات بين الحكومة والسوديت.