بعنوان (ورقة ورد) لأنه سار فيه على نهج كتابه المعروف (أوراق الورد) فهذا الفصل عنده هو من تمام هذا الكتاب
وكان من زملاء الرافعي في محكمة طنطا الأديب فؤاد. . . وهو شاب له ولوع بالأدب؛ وعلى أنه زوج وأب، فانه كان بأناقته ولباقته مرعى أنظار كثير من الفتيات، وكان له في الغرام جولات. . .
ثم فاء إلى نفسه بعد حين، فانصرف عن اللهو والغزل إلى شئون أسرته وولده؛ وراح ينشر بعض مغامراته الغرامية في إحدى الصحف الصغيرة التي تصدر في طنطا. . .
وقرأ الرافعي بعض ما ينشر صاحبنا، فرأى (علماً جديداً) لم يدخل إليه من باب ولم يقرأه في كتاب؛ فأرسل يستدعي صاحب هذه المقالات إليه ليفيد علماً من علمه ومن تجاربه. . .!
وجلس صاحبنا يتحدث إلى الرافعي ويقص عليه، والرافعي صاغ إليه ملذوذ بما يسمع؛ فما انتهى صاحبنا من حديثه حتى كان على موعد مع الرافعي أن يحضر له طائفة من مذكراته ورسائل صواحبه، لعله يجد فيها موضوعاً يكتبه لقراء الرسالة
فمن هذه المذكرات ومن هذه الرسائل استملى الرافعي مقالات (الطائشة) و (دموع من رسائل الطائشة) و (فلسفة الطائشة). . .
فهذه القصة حقيقية لا افتعال فيها، وليس فيها شيء من صنع الخيال؛ وما حكى الرافعي من الرسائل الطائشة هو من رسائلها نفسها كما نقلها إليه صاحبها؛ وفلسفتها هي فلسفتها كما فهمها الرافعي من رسائلها ومما كان من أمرها مع صاحبها
لقد نال الرافعي من ملامة الفتيات ما ناله بسبب هذه المقالات، وقرأها أكثر من قرأها منهن على أنها قصة من الخيال اخترعها الرافعي ليحتج بها فيما يحتجْ لمذهبه في الحب والمرأة وتجديد الأخلاق، والحقيقة فيها هي ما قدَّمت؛ وقد زاد الرافعي إيماناً بمذهبه بعد هذا الذي سمع من صاحبه وقرأ من مذكراته ومن رسائله!
ولم يكتب الرافعي قصة (الطائشة) على أنها قصة؛ إذ كان صاحبها قد كتب قصتها على طريقة من فنه، فآثر الرافعي أن يتناولها من أطرافها ليحكم بها حكمه ويتحدث عن رأيه في طائفة من فتيات العصر؛ فترك صلب القصة ليكون حديثه عن التعليق والحاشية